تحدث في الطبيعة المحيطة ظواهر قد تكون مدمّرة في بعض الأحيان، منها ما تُعدّ نادرة الحدوث، ومنها تعتبر أمراً معتاداً عليه، ومن بين هذه الظواهر ظاهرة تسونامي؛ إذ تَكرّر حدوثها كثيراً.
انبثقت تسمية تسونامي للزلزال الذي ضرب قبالة سواحل المحيط الهندي من اللغة اليابانية؛ حيث تشير كلمة "تسو" إلى كلمة كبير وكلمة "نامي" إلى كلمة موجة، وهي الموجة الكبيرة، ويشار إلى أنّ التسونامي هي حادثة شائعة ومعتادة عليها اليابان؛ إذ تعرّضت اليابان لها حوالي مئةً وخمساً وتسعين مرّة على مر التاريخ، ومن الجدير بالذكر أنّ تسونامي تتشابه مع موجات المد من ناحية تحرّكات المياه نحو اليابسة إلّا أنّ الأولى يكون ارتفاع موجاتها أعلى بكثير، وتستغرق وقتاً أطول من الأخيرة، وقد أطلق عليه مسمى زلزال تسونامي توهوكو.
سجّل التاريخ الياباني في عام 2011 أعنف زلزال ضرب قبالة سواحل شرق اليابان، وكانت قوّة الزلزال قد بلغت 8.9 على مقياس العزم الزلزالي، وأسفرت عنه خسائر مادية وبشرية ضخمة، فخلّف الآلاف من القتلى والمفقودين، ومن الجدير ذكره أنّ مقياس العزم الزلزالي قد سجّل قبل وقوع زلزال توهوكو الذي ضَرب المنطقة اليابانية بيومين زلزالاً آخر يُدعى زلزال هونشو، وكان بقوّة 7 على المقياس.
وفي اليوم الحادي عشر من شهر مارس في ذلك العام بدأت موجات تسونامي العاتية بضرب سواحل المحيط الهادي، تمركزت بؤرة الزلزال على بعد من العاصمة اليابانيّة طوكيو إلى مسافة تصل إلى ثلاثمئة وثلاثةٍ وسبعين كيلومتراً شمال شرقها، وأسفر عن تسونامي خسائر من ضمنها تدمير المطار الياباني سنداي، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية للمنطقة، وتسجيل خسائر عالية النسبة، كما لحقت الأضرار بالمحطّات النفطية، وأعلنت وكالة الطاقة على إثر هذا الزلزال إغلاق محطات نووية تقع بالقرب من نقطة تمركز اليابان.
جاءت موجات تسونامي العالية على إثر الزلزال الذي قام بدوره برفع مياه البحر إلى مستويات عالية جداً تصل إلى عشرة أمتار إثر كميّة المياه الضخمة القادمة من وسط المحيط الهادي صوب الشاطئ الياباني، وكان من المحتمل أن يلحق هذا الزلزال الضرر بخمسٍ وعشرين دولة واقعة على سواحل المحيط الهادي.
تحتّل اليابان موقعاً مطلاً على المحيط الهادي في شرق القارة الأسيوية، ولليابان جزر يصل عددها إلى ستة آلاف وثمانمائة واثنين وخمسين جزيرة تمتدّ على طول سواحل المحيط الهادي. لم يقتصر تأثير أمواج تسونامي العاتية على قبالة سواحل المحيط الهادي؛ بل امتد ليصل تأثيره إلى جزر هاواي الأمريكية وكندا والمكسيك وإندونيسيا وتايوان، ومن الطبيعي أن يؤثّر زلزال بمثل هذه القوة على الدول المجاورة والمحيطة بمركز أو بؤرة الزلزال، كما أنّ الارتفاع الهائل لأمواج تسونامي قد أوقع الضرر بجزر المحيط الهادي حيث تجاوزها ارتفاع الأمواج.
ذكر المعهد الإيطالي للجيوفيزياء ودراسات البراكين خلال عمليّة رصد زلزال تسونامي أنه من المتوقع بشكل كبير أن يكون الزلزال الذي ضرب قبالة سواحل المحيط الهندي قد أدّى إلى إزاحة محور دوران الأرض بمقدار عشرة سنتيمترات، وكان ذلك على شكل موجات مستعرضة، وكما رصدت معظم معاهد الرصد الدولية هذه الظاهرة المدمرة والتي أظهر مقياس ريختر قوّتها بأنها 8.9، وكان ذلك في تمام الساعة الخامسة وستة وأربعين دقيقة بتوقيت غرينتش، بدأت المياه على عمق يصل إلى أربعةٍ وعشرين كيلومتراً، ويبعد عن قبالة سواحل ميجي بحوالي مئة كيلومتر تقريباً.
من الطبيعي أنّ ظاهرة وليدة الطبيعة كتسونامي بحدّتها وقوّتها وشدة بأسها أن تترك أثراً مدمراً ورائها، ومن أبرز علامات الدمار التي خلفها الزلزال:
ويُذكر بأنّ سواحل كاليفورنيا الواقعة على بعد يصل إلى تسعة آلاف وسبعمئة كيلومتر عن اليابان قد استقبلت على خلفية تسونامي 2011 نفايات تعاقبت بالوصول إليها، وهي على النحو التالي:
يذكر بأن الحكومة اليابانية حذّرت من اندلاع انصهار في مفاعل فوكوشيما للطاقة النووية، وكان ذلك في صبيحة اليوم التالي للزلزال، وكان قد وقع انفجار في محطة نووية تبعد حوالي مئتين وأربعين كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة اليابانية طوكيو، فنجم عنه تضرّر العاملين في المحطة، وعملت الحكومة على إخلاء الآلاف من السكان القانطين في محيط المفاعل النووي، وأكدّ الإعلام الياباني حينها بأنّ النشاط الإشعاعي الذي نجم عن الانفجار قد تضاعف حجمه إلى أكثر من عشرين مرّة من الحجم الطبيعي في المنطقة، فتضاعفت المخاوف لدى اليابان فأصدرت قراراً بتوسيع عملية الإخلاء من المنطقة المحيطة بالمحطة تخوّفاً من تسرّب إشعاعي، فقامت الحكومة اليابانيّة بدورها بإغلاق محطات الطاقة النووية ومصاف نفطية كانت قد اشتعلت بها النيران، فأدّى ذلك إلى إغراق المنطقة بالظلام الدامس وإغلاق المطارات وانقطاع خدمات السكك الحديديّة وتوقف الملاحة البحرية والموانئ.
اجتمعت مجموعة من الأسباب والعوامل لتؤدي إلى وقوع أمواج تسونامي العاتية، وهي كالتالي: