يُعد القرن السادس عشر في إيطاليا أرقى عصر للنهضة، حيث ظهر فيه سادة الفن والعمارة منهم ليوناردو دافينشي، رافائيل، برامنت، ميكل أنجلو، جيورجون وغيرهم، هم في الواقع وصلوا إلى قمة المجد بالفن الكلاسيكي والفن النهضي الراقي، مثلهم في ذلك الوقت فيدياس الذي نهض بالفن الأغريقي إلى قمة المجد.
كان فناناً موهوباً، يتمتع بأحاسيس ومشاعر رفيعة وعلى درجة عالية من الرقة والشفافية، جميعها تمثلت في تلك التحفة الفنية العالمية الخالدة المعرفة باسم (الموناليزا)، كانت في عام 1503 ميلادي، أما ليوناردو كمهندس فنراه في السنوات الأخيرة من حياته يهتم كثيراً ويكرّس جهوده على دراسة العلوم، فعند اتحاد الفن والعلم معاً اكتشف المنظور (Perspective)، الذي يعد جزءاً مهماً جداً في الهندسة المعمارية، لذلك بلغت أعمال ليوناردو القمة، حيث كان يعتقد أنه يجب على الفنان أن لا يعرف قواعد المنظور فقط، بل كل قوانين الطبيعة وأن العين هي الأداة للحصول على هذه المعرفة، قام ليوناردو برسم مئات الأشكال ودوّن عليها مئات المذكرات والتفسيرات، حيث وضع رسالة فنية علمية للأجيال التي جاءت بعده، خصوصاً الرسومات المعمارية التي تعمّد ليوناردو أن يسجّلها على الورق، والتي تمتعت بأهمية تاريخية عظيمة.
يُعد دوناتو برامنت أبرز المهندسين المعماريين الإيطاليين في عصر النهضة، تابع عمله في شمال إيطاليا، وكان صديقاً للفنان ليوناردو والمهندس الخاص لدوق ميلانو، من أهم اعماله كاتدرائية القديس بطرس، يرجع الفضل إليه بوصول العمارة في عصر النهضة إلى درجة عالية وممتازة.
امتازات فلورنسا بظهور طراز عصر النهضة في القرن الخامس عشر، حيث كان أقوى المقاطعات الإيطالية، كما كانت تعد أعظم مركز للثقافة والأدب والشعر والفنون الجميلة، ونظراً لثراء أهالي هذه المقاطعة وولعهم الشديد بالتجارة وما امتازت به هذه البلاد من جمال طبيعتها، فقد اتجهوا إلى تعضيد العلوم والفنون، خصوصاً ما قامت به أعظم الأسر في ذلك الوقت التي كانت تسمّى أسرة المديتشي، حيث كانت هذه الأسرة أعظم العوامل التي ساعدت على التقدم؛ لحبها للفن وتقديرها للفنانين، ويمكن اعتبار هذا العصر من أزهى عصور الفنون الجميلة في تاريخ العالم.
ولقد انتشر طراز عهد النهضة في شمال إيطاليا في ميلانو والبندقية بواسطة الفنانين والعلماء الذين قدموا من فلورنسا، كان هناك اختلاف بين مباني عصر النهضة في فلورنسا عنها في ميلانو، حيث كان الحجر هو المادة الأساسية للبناء في فلورنسا ووسط إيطاليا، بينما كان الطوب هو المادة الأساسية لأعمال البناء في ميلانو وشمال إيطاليا، لذلك اختلفت النسب والتفاصيل في الشمال عن الجنوب.
العربية
