معلومات عن مهنة الحلاقة ..لمسات من التطور والحداثة في تركيا

الكاتب: رامي -
معلومات عن مهنة الحلاقة ..لمسات من التطور والحداثة في تركيا
"

معلومات عن مهنة الحلاقة ..لمسات من التطور والحداثة في تركيا

مهنة الحلاق أو BERBER باربار في تركيا كما في معظم دول العالم فهي مهنة وصلت من السلف , واستمرت وبقيت حتى حاضرنا وامتدت إليها لمسات التطور والحداثة , ولم تمت كغيرها أو تندثر كبعض مهن أخرى مثل مبيض النحاس وآخرين. وكان الأتراك يسمون الحلاق ""مزيّن"" يقص شعر الرأس , ويحلق شعر الذقن , وتلك هي أصلاً أساس صنعته وإن زاده حلاق اليوم بأدوات الحلاقة الحديثة الكهربائية مثل مجفف الشعر وأدوات تنظيف بشرة الوجه ونزع الشعر عنها, وتقليم الأظافر ""البيتيكور والمينيكور ""هذا إلى جانب كثرة المساحيق وتعددها واختلاف استعمالاتها.‏

كان حلاق الماضي في تركيا وفي صالونه المتواضع يقوم مقام الصحيفة أو وكالة أنباء مصغرة . وكان يُضرب به المثل بالثرثرة فهو ينقل كل ما يسمعه من أخبار سواء من المذياع أو من الزبائن.

وحلاق الأمس إلى جانب مهنته كان يعمل كالطبيب المداوي فهو يعالج أكثر الأمراض , فعنده من الدهنات الطبية التي ركبها بيده ما ينفع لعلاج حكة الجلد والحزازة وثعلبة الرأس وتساقط الشعر، نراه هنا طبيبا للجلدية , وهناك يقوم بالحجامة ويعالج الصداع بوضع دود العلق عند صدغ الموجوع أو وراء أذنيه حتى تمتص الدم الفاسد وتغدو الدودة بثخن الإصبع فتسقط , أو لعلاج المفاصل فيضع الدود على ركب المريض ونراه هنا طبيبا للعصبية وأمراض المفاصل كما نراه يعالج بالعطوس "" مادة تستنشق بالأنف "" فتثير العطاس ليرتاح المريض. كما نراه يحلق شعر رأس المصاب بالقرع ثم يقوم بدهنه بمراهم خاصة ويغطيه بقطعة من قماش ويسمونها ""قبع"" , ثم كان الحلاق يصنع خلطة مقوٍّ للجنس يبيعها للعرسان والعاجزين جنسياً من المسنين ويناولها سراً ولكن ابتسامته العريضة كانت تكشف سره عند قبض ثمنها . كما نراه بدور طبيب أسنان حيث يقوم بخلع الأضراس والأسنان وكان يخيف الصغار بتلك الآلة التي يقلع بها الأسنان، وكان يسميها ""الكلبة"" فعند حلاقة شعرهم وحتى لا يحوصوا على الكرسي ويتحركوا كثيرا . فكان الصغير يكتم بكاءه وتسيل عيناه دمعاً ناظراً إلى المرآة خائفاً من تلك الكلبة .‏

كان أفراد العائلة يحلقون جميعاً عند حلاق واحد ابتداءً من الأب وانتهاءً بأصغر أولاده , وكان يُتفق على عدد الأولاد ويعبر عنها بالرأس وغالباً ما تكون حلاقة لمرة واحدة بالشهر لكل رأس لكنها تكون زيادة واستثناء عند العرس أو قبل الطهور أو في الأعياد وكان يطلب الحلاق ويلح بضرورة حلاقة شعر الصغار قبل أيام وقفة العيد بالذات حيث يظل يستقبل ويحلق للزبائن حتى الصباح و ينشغل خاصة بحلاقة الكبارعلى أن أجرة الحلاقة تزيد في مناسبة الأعياد وتعطى تحت اسم عيديه كأجرة حلاقة العريس حيث تعطى تحت اسم إكرامية . وكانت أحياناً كيساً من الحنطة أو الحمّص إذا كان الزبون مزارعاً أو قطعة قماش تصلح قنبازاً أو قميصاً إذا كان الزبون تاجراً وهكذا ومثل هذا الزبون الكريم يكون مدللاً عند الحلاق فالترحيب به مميز وفوطته ومنشفته خاصة يراعى أن تبقى نظيفة دائماً بل وحتى موس حلاقته ومشطه يبقيان خاصين ويقوم الحلاق بمسح مقص الشعر بالكحول قبل استعماله مع زبونه المدلل كما يقوم بوضع القطن بين اسنان المشط عند تمشيط الزبون لينظف ما بقي من صغار قصاصات الشعر، وتكون الكولونيا خاصة. وكان يسعى جاهداً بسن موسى الحلاقة بواسطة "" الآيش "" ويجهز قلم «الشبة» ليسارع ويفرك ب
ه مكان الجرح وكان الحلاق يعرف ذوق كل زبون فهذا يحب حلاقة ذقنه ناعمة جداً وهذا يحب نتف شعر الخدود بالخيط , وذاك بالملقط ويحترس جدا عند قص الشعرات الزائدة من شارب الزبون لأن حرباً شعواء ربما تنشب إن زاد فيها القص وستكون المصيبة .‏

وبعد حلاقة ذقن زبونه المدلل يأتي بطست محفور بقدر ما يسع حشر رقبة الزبون حيث يمسك هذا الزبون الطست بكلتا يديه والحلاق يغسل له وجهه بيد وبيده الأخرى يسكب ماء من ابريق , ويراعي أن يكون هذا الماء دافئا في فصل الشتاء وكان هذا الطست من النحاس اللامع الأصفر أو من البورسلين الشينكو وكان مكتوباً على حافته "" نعيماً "" وهي الكلمة التي يطلقها الحلاق بعد انتهائه من حلاقة زبونه سواء أكانت هي حلاقة شعر ذقن أم شعر رأس وسواء أكان الزبون صغيراً أم كبيراً يسارع الحلاق بمساعدة زبونه المدلل في لبس المعطف أو الطربوش وغالباً ما كان يسبقه بتنظيفهما بالفرشاة أو بِكِّم جاكيت الحلاق إذا كان من الجوخ فهو ينظف كالفرشاة . وجزاء لهذا التكريم المميز ينقد الزبون المدلل الحلاق بعضا من النقود يسمونها ""حلوان "" أو بلغة أهل مصر الشقيقة "" بقشيش "" هذا علاوة عن أجرة الحلاقة التي تزيد عن المعتاد وفوقها حلوان الصبي أجير الحلاق ..‏

كانت واجهات صالونات الحلاقة غالبا ما تكون من حبال تُشكُّ فيها قطع من القصب يفصل بين كل قطعة وأخرى خرزة ملونة تخالف جارتها باللون فكان الزبون عندما يدخل صالون الحلاقة يحدث خشخشة من تصادم حبال القصب والخرز ومن شأن هذا أن ينبه الحلاق للقادم الجديد كما أن هذا الصوت يخيف الذباب فيطرده وكان بعض الحلاقين يعلق شريطاً لاصقاً يمسك بكل ذبابة تعلق فيه , ولشدة الحر كان بعض الحلاقين يوزعون مراوح يدوية «المهاوي» وكان بعض من الحلاقين يصنع «مهواة» عريضة يعلقها بسقف الدكان وتشد بواسطة حبل يمسكه الزبون ويقوم بشده أو يقوم بشده صبي صغير .‏

كان كرسي الحلاقة في ذلك الزمان غالبا من خشب الخيزران ولا يعرف تقنية الميكانيك في الحركة يمنة أو يسرة علواً أو هبوطاً و كان الحلاق يضع مخدة على مقعد كرسي الحلاقة فيرتفع عندها الزبون في جلوسه ويتمكن الحلاق من عمله والطامة الكبرى إذا كان الحلاق طويلاً جداً وزبونه قصير جداً أو العكس عندها يضع مخدتين أو كرسي قش صغير في مقعد كرسي الحلاقة، أو يخلع قبقابه أو يلبسه.‏

وكان الحلاق دائرة نفوس ""أحوال مدنية"" بامتياز فهو يعرف كل من يمر أمامه من أهل الحارة حتى المرأة تحت غطائها، ففلان ابن فلان ابن فلان أمه بنت فلان عمته ، خالته , جدته ، جد جدته , ""الداية التي ولدَّته"" ..وكان عنوانه بمثابة صندوق بريد الحارة بأكملها .‏

وهكذا كان حلاق زمان طبيباً يمارس الطب بمختلف الإختصاصات , ومحدثاً ورجل صحافة وأنباء ودائرة بريد , وكان الرجل الناصح والمستشار ورجل الاجتماع , والنديم , والسمير والصديق لكل أهل الحارة

صهيب مفوض الابراهيم


"
شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook