المضيق هو تقاربُ ضفّتَيْ اليابس في بحرٍ أو محيطٍ مثل مضيق هرمز، وهرمز هو اسم ملك من ملوك بلاد فارس الّتي حكمتِ البلاد قديماً، فسُمّي هذا المضيق باسمه. يقع مضيق هرمز على رأس تقاربٍ ما بين ضفتي مياه الخليج العربيّ، ضمن المياه الإقليمية لدولتين هما؛ سلطنة عمان وإيران، وتملك دولة الإمارات العربية مجموعة جزرٍ تقع في المياه الإقليمة لهذا المضيق.
احتلّ مضيقُ هرمز أهميةً عبر العصور القديمةِ، إلّا أنّ أهميتَه تضاعفت بعد اكتشافِ النفط في أراضي دول شبة الجزيرة العربية والعراق، فجميع دول المنطقة تُصدّر النفط إلى دول أوروبا وغيرها، وأصبح مضيق هرمز من أهمّ الممرات المائية في العالم؛ إذ يصلح لعبور ناقلات النفط من دول المنطقة إلى باقي دول العالم، خاصةً العراق، فهو المنفذ البحريّ الوحيد لها.
وتمتلكُ إيران أكبر مساحةٍ من المضيق، لذلك تستخدمُه كورقة ضغطٍ على الدول المستوردة للنفط والدول المصدرة له، فتهددُ بإغلاقه كلّما تعرضت لضغوطٍ عالميةٍ، لا سيّما أنّها تمتلك قوةً بحريّةً قادرةً على إغلاقه أو التحكم به بشكلٍ فعليٍ، وممّا يزيدُ من قيمةِ هذا المضيق أهميتُه التجاريّة، فله أهمية عسكريةٌ كبيرةٌ جداً، كما أنّه أصبحَ من أهمِّ عشرة مضائق من مئةٍ وعشرينَ مضيقاً في العالم.
يبلغ عرضُ المضيق خمسةً وخمسينَ كيلو متراً، وعرضُ أضيقِ نقطةٍ فيه يصلُ إلى أربعةٍ وخمسين كيلو متراً، ويبلغُ عمقُه حواليْ ستّينَ متراً، ويحيط بالمضيق عددٌ كبيرٌ من الجزر؛ مثل رأس مسندم، في الجانب العماني، وجزر قشام، وهجام في الجانب الإيراني. زادت المساحة التي تسيطر عليها إيران إبّانَ الحكم الصفَويّ للمنطقة، وبقيَ الجزء الغربيّ من المضيق تابعاً لسلطنة عمان، وعلى مدخل المضيق توجد ثلاثُ جزر متَنازَعٍ عليها بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهي: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وجزيرة أبو موسى، وكِلا الطّرفيْنِ يعتبرُها ضمنَ مياهه الإقليمية وتحت سيطرته.
كان لمضيق هرمز دورٌ كبيرٌ في إنعاش الاقتصاد لكثيرٍ من الحضارات التي تواجدت في المنطقة؛ مثل حضارة البابليين والكلدانيين، والسومريين والأشوريين، وحضارة بلاد فارس والهند، و كان المضيق شريانَ الحياة لتجارة هذه الدول، كما كان مَعْبَراً لجيوش الإسكندر المقدونيَ، فقد أنْعشَ المضيقُ اقتصادَ الدول المجاورة له أيضاً؛ مثل دول شبة الجزيرة العربية.
بعد اكتشاف النفط في الدول المحيطة بمضيق هرمز أصبح المضيق محلَّ تنافسٍ بين الدول الكبرى، للسيطرة على الجزر الواقعة في مدخل المضيق؛ حيثُ تضمنُ بذلكَ سرعة وصول جيوشها إذا تعرّضت سفنُها لأيّ اعتداءٍ، وخاصةً أمريكا؛ فأصبح المضيق هدفاً استراتيجياً تسعى إليه بكل الوسائل، لذلك بنتْ علاقاتٍ استراتيجيةً مع دول المنطقة، خاصةً دول الخليج، ونشرت أساطيلَها القريبة في مياه بحرالخليج لحماية ناقلات النفط العملاقة، وضمان أمن دول الخليج، وسرعة التدخل عند الحاجة، وكان الهدفَ المعلَن من ذلك هو حماية سفنِهم التجارية، لكنّه في الواقع هدفٌ حربيٌّ بالدرجة الأولى.