ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من فضل الله على أهل الجنّة حين يدخلون الجنّة أنّهم يُلهمون التسبيح والحمد كما يُلهمون النفس؛ فطعام وشراب وحديث أهل الجنّة يختلط بتسبيحهم لله سبحانه حتّى في جنّاته، ولأهميّة التسبيح وفضله فقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم نحو تسعين مرّةً، وكانت سبعٌ من السور الكريمات مفتتحةً بالتسبيح، فسمّيت السور المسبّحات، قال الله تعالى في مطلع سورة الحديد: (سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)، وفي سورة الجمعة قال الله سبحانه: (يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)، وعلى هيئة المصدر قال الله تعالى: (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ)، ويستدلّ بكثرة الآيات التي تذكر التسبيح وتنوّعها في القرآن الكريم؛ أنّه يجب على المؤمن أن يلازمه فلا ينشغل عنه، ويجعله دأباً له كما كان دأباً لخَلق الله تعالى وعباده الصالحين عنده، قال تعالى: (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ).
وفي الرجوع إلى المواضع التي ذكر الله تعالى فيها التسبيح، يُشاهد أنّه سبحانه ذكر التسبيح في إقرار خَلقه وقدرته، وأنّه لا خالق لكلّ هذا الكون والمخلوقات سواه؛ لذلك وجب على المخلوقات تسبيحه وحمده والثناء عليه، قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)، وفي مشهدٍ آخر جعل الله التسبيح لأجل إثبات حكمته، والتأكيد أنّه لم يخلق شيئاً عبثاً سبحانه، قال الله تعالى: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ)، وأورد الله تعالى التسبيح في ذكر قدرته ونفي عجزه، وأنّ قدرته فاقت أيّ قدرةٍ سواها، قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
يتقارب معنى التسبيح في اللغة مع معناه في الاصطلاح الشرعيّ، وبيان ذلك كما يأتي:
تعدّدت صور التسبيح وصيغه التي وردت عن النبيّ -عليه السّلام- في الأحاديث الشريفة، فيما جاء عنه -عليه الصّلاة والسّلام- من بيانٍ للأوراد والأذكار، منها ما اقترن بالحمد، ومنها ما اقترن بالاستغفار وغير ذلك، فيما يأتي بيانٌ لصور التسبيح الواردة عن النبيّ عليه السّلام:
ظهرت أهميّة التسبيح من خلال كثرة ذكره في القرآن الكريم، وكثرة الأحاديث الواردة عن النبيّ -عليه السّلام- فيه، ويظهر أثر التسبيح إذا التزمه المسلم في حياته جليّاً، ومن فضائل التسبيح العائدة على صاحبه ما يأتي:
موسوعة موضوع