الرجولة هي ليست كلمة تطلق على كل من كان ذكر بل هي كلمة تحمل معاني أعمق من ذلك، هي كلمة تحمل الشهامة والشجاعة والصفات والخصال الحميدة، والرجولة صفة حميدة مدحها الأدباء وتغنى بها الشعراء، وكانوا قديماً يتسابقون بفعل الرجولة فيما بينهم وفي هذه المقالة سنقدم لكم أجمل ما قال الشعراء والأدباء عن الرجولة وخصالها.
الرجولة هو ذلك الجدار الذي تختبئ خلفه الأنثى، وهي تثق تماماً بأنّه لن يسقط عليها مهما حصل ولن يؤذيها، الرجولة أسمى ما يمكن أن تبحث عنه المرأة في الرجل، فإن وجدته وجدت الحب الذي لا يذبل، والتواصل الذي لا يُقطع، والثقة التي لا تُخدش، متى وجدته وجدت إشباعاً لقلبها وعقلها، وحظيت بمن يصلح لأن يكون رفيقاً لدربها في الدنيا والآخرة، متى استشعرت الأنثى حضور الرجولة حولها ميزتها على الفور، دون حاجةٍ منك لاستعراضها كما يميّز الوليد رائحة أمه، فأرح نفسك إذن من عناء إثبات رجولتك.
الرجولة عمل بطولي لا يُصنع في النوادي الرياضية ولا يقاس بأرقام كشوف الحسابات البنكية، لن تصل إليه بالصوت العالي ولن تناله بالاستعلاء على البشر، ليس زراً تضغط عليه أو ميزة تقتنيها، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك، دعك من الرجولة يا سيدي فهي أمر صعب لا يطيقه الكثيرون، إذ لا يمكن لصاحبها أن يعيش على هامش الحياة هائماً على وجهه بلا هدف، حياته أسمى من أن تتمحور حول نفسه وأكبر من أن تدور في فلك ممتلكاته، لا خبز له في الادعاء ولا يجيد لعبة الأقنعة ولا يكترث كثيراً لاعتبارات البشر، يكفيه أن يطرح ما لديه بصدق ولا يهمه بعد ذلك إن صدقته أم لا، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك.
الرجولة يا سيدي تُشعر وتُلمس وتُرى.. تعيش ملاصقة لصاحبها كظله يراها الجميع إلّا هو، تحضر معه إن حضر فتضيف لحضوره هيبةً وسحراً، ولا تغيب إن غاب فتُطبع في عقول الناس تماماً كما تُطبع ملامح صاحبها، الرجولة أجمل ما يمكن أن يوجد في المرء على الإطلاق، أجمل من أجمل ملامح، وأفخم من أفخم لباس، وأكبر من أكبر شركة، هي ثمرة حكمة العقل وقوة الإيمان وطهارة القلب، ليست لأيّ أحد ولا تليق بأيّ أحد ولا تشترى لا بالمال ولا بالكلام ولا بغيره، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك.
قصيدة أرى القول يحلو بذكر الرجال هي للشاعر أحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق، ولد في لبنان بقرية عشقوت، وانتقل إلى مصر وتعلم الأدب وتنقل في أوروبا ثمّ ذهب إلى تونس فأعتنق فيها الدين الإسلامي وأقام فيها عدّة سنوات وأصدر جريدة الجوائب، وتوفي بالأستانة ونقل إلى لبنان، من مؤلفاته: كشف المخبأ عن فنون أوروبا، وكنز الرغائب في منتخبات الجوائب، وسر الليال في القلب والإبدال، والجاسوس على القاموس، أمّا قصيدته فقال فيها:
أرى القول يحلو بذكر الرجال
رجال السياسة والأمر والنهى
لقد قلت في مطلع القول حسنا
لان الذي رمت مدح علاه
وزير يشد به الملك ازرا
اذا رام امرا امر عليه
فيقتار كل شرود ويدنى
واقلامه السمر من فوق بيض الصحائف
يذل لها كل عاص وتعنو
تدبر ملكا بعيد النواحي
وتعمر للأصدقاء بيوتا
يرى في العواقب ما غيره لا
فللبر بحر وللعلم حبر
حميد الخصال سعيد الخلال
تبارك من اودع الخير فيه
فما يزدهيه اقتدار وعز
ولا نول مال ولا طول حال
اذا ما تحدى علاه امير
سل الحرب عنه وان شئت
الم يأن للروم ان يبصروا ما
الم يك في زجره من نذير
الم يك في بشره من بشير
ويسكنهم في مساكن امن
اليس لهم ما لنا وعليهم
امن بعد هذا المقال مراء
الام الخداع ولا خير فيه
فطورا تقولون انا عداة
وحتام تبغون منا امورا
اكنتم رجالا وكنا نساء
لقد ساء والله ما قد زعمتم
اطيعوا الخليفة بالحق واخشوا
اذا اعملتها كمة شداد
منايا سراعا تدور عليكم
اليس لعبد العزيز مليك الملوك
اذا كان يدعو رعاياه طرا
خليفة رب العباد مفيض الايادي
رؤوف بمن جاه مستجيرا
وينصره الله نصرا عزيزا
فخير لكم ان تكونوا كآبائكم
فليس لكم دونه من ودود
وليس لكم غيره من ملاذ
وما لكم دونه من معاذ
تعالوا الى ما دعاكم اليه
وانتم منه منه في امان
فكم مرة قال اني بر
فما لكم لا تعون حديثا
اعز السلاطين قدرا وجاها
وارأفهم بالعباد فوادا
لطالب رضوانه كل خير
فعد قوافي الثناء عليه
وصيد حماه محط الرحال
فهل مثل دولته في الجنوب
وهل مثله من جميل مهب
يروعك فوق الاريكة والطرف
له الله في السر والجهر واق
ودامت اعاديه مثل الهباء