المساء من أجمل أوقات اليوم حيث يسود الهدوء و الراحة بعد تعب وعمل النهار، في المساء تزداد الأشواق لمن نحب وتدق ذكرياتهم في القلوب ألماً، في المساء يحلو السهر مع الأهل والأصدقاء، فقد أحضرنا لكم باقة من أجمل كلمات المساء.
قصيدة المساء الأخير للشاعر بدر شاكر السياب، هو شاعر عراقي معاصر ولد عام 1925م في قرية جيكور في محافظة البصرة بالعراق، وللشاعر بدر شاكر السياب دواوين شعرية منها: ديوان أزهار ذابلة، وديوان أساطير، وديوان أنشودة المطر، وديوان المعبد الغريق وغيرها الكثير من الدواوين الشعرية التي أثرت المكتبة العربية.
برب الهوى يا شمس لا تتعجلي
سريت فأفق الغرب يلقلك باسما
كأن السنا إذ فارق الأرض واعتلى
أحاسيس أخفاها الفؤاد وصانها
و صفصافة مخضوبة الرأس
تبين كعذراء من الريف أقبلت
نعى لي و للناس النهار ( مؤذن )
تمنيته لا يسمع الصوت أخرسا
ألا وقرت آذان من يسمعونه
ألا نثرت من تحت أقدامه أسى
أطرت عصافير الربى حين غادرت
رأيت بها بدهر مجنح
كأنى به لما يمد جناحه
ألا ليت عمر اليوم يزداد ساعة
قصيدة المساء للشاعر إيليا أبو ماضي، هو شاعر لبناني ولد عام 1891م في قرية المحيدثة إحدى قرى لبنان، وغادر الشاعر إيليا أبو ماضي قريته في سن الحادية عشرة إلى الاسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر الشاعر إيليا أبو ماضي من أبرز أعضاء الرابطة القلمية، و من دواوينه الشعرية: ديوان الجدائل، وديوان الخمائل، وديوان تذكار الماضي.
السحبُ تركضُ في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
والبحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
سلمى ... بماذا تحلمين ؟
أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها في ناظريك
تنمّ ، يا سلمى ، عليك
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
و لا يطيق الانكسار
هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ كالقصر المكين
و الشّوك مثل الياسمين
لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و رغائبه
و سماؤه و كواكبه ؟
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلّا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و العندليب صداحه
لا ظفره و جناحه
فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا تبصرين به الغدير
و لا يلذّ لك الخرير
لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره لا تذبل
و نجومه لا تأفل
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه البشاشة و البهاء
ليكن كذلك في المساء
لقد كان مشهد جميل لشيء واحد يأمل كلٍ منا حدوثه في يومٍ ما، الدفئ الذي ينشأ عندما نكون بجانب بعضنا البعض، الانعكاس في غروب الشمس في المكان الذي نجلس فيه.. نتوق لمثل هذه الأشياء الرائعة في كل مساء، الرقص في كل ليلة، واللعب في الصباح، تزهر قلوبنا بكل ما هو جميل .. لم نشعر بهذا القدر من السعادة والحياة من قبل، تقبلني وتلمس وجنتي لتشعرني بالسعادة، حيث يضفي وجودنا جمالاً للمكان في هذه الأمسية الرائعة .. هذا هو المساء.
من أجمل وأفضل اللحظات، ساعة هادئة تقضيها مع من تحب في أمسية رائعة.. الاستلقاء على تلك الرمال الناعمة بجانب ذلك البحر النائم ونسيم المروج الفواحة يعم المكان، مع همسات المد والجزر، حفيف الأشجار الهادئ.. أشعر بارتجاف قلبي نتيجة السرور والسعادة، الأرض سعيدة وهادئة بوجود سماء وردية اللون ستغطينا قريباً.. إنّها مشاهد رائعة لمساء جميل لا ينسى.
لا سماء هذا المساء..
لا سهرَ ..لا مدينة .. لا بلدْ ....
أجلسُ في آخر العمر ..
متكئاً على وحدتي .. شارداً .. في لا أحدْ...
هذا المساء سألقاكِ..
وغداً سألقاكِ..
وبعد ألف عام سألقاكِ..
لأنكِ نجمةُ على صدر الكون..