إنّ برّ الوالدين من أعظم القُربات التي يتقرّب بها المسلم من الله عزّ وجلّ، وهو من أهمّ الواجبات التي أوجبها الله -تعالى- عليه، فقد قَرن الله -تعالى- حقّ الوالدين بعبادته، وشكرهما بشكره، كما قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً فهو الذي خلقهما وجعلهما السّبب الظاهر في وجود الولد، إنّ ما قدّماه للولد حال صغره من الحب والإحسان، يقتضي وجوب برّهما والإحسان إليهما، والنّهي عن أدنى ما يكون من إيذاءهما، وبرّ الوالدين من أعلى مراتب الجهاد في سبيل الله تعالى، فمن كان له أبوين وبَذل ما بوسعه وطاقته في طاعتهما، قام ذلك مقام الجهاد في سبيل الله، ولا يجوز الخروج للجهاد في سبيل الله إلا بإذنهما إن كانا مسلمين؛ وذلك لأنّ الجهاد فرض كفاية، وبرّهما فرض عين، وبرّ الوالدين من أعظم الأعمال وأفضلها التي تقرّب من الجنّة وتدخل إليها، وأكثرها قُرباً من الله تعالى، وأحبها إليه بعد الصّلاة؛ وذلك لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ذكرها بعد الصلاة، عندما سأله عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن أفضل الأعمال، كما أنّه من الأعمال الّتي ترضي الله تعالى، وقد خصّ الله تعالى الوالدين بمزيدٍ من العناية والرّعاية والإحسان حال كبرهما؛ لأنّها الحالة التي يحتاجان فيها إلى برّ أولادهما، لِما يكونان فيه من الضّعف، وأمرالله -تعالى- بالقول اللّين لهما، فقال: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا)
إنّ برّ الوالدين لا يتوقف بموتهما، فهو دائم مستمر، ما دام الأبناء على قيد الحياة، وفي هذا دعوة لمن كان مقصّراً معهما حال حياتهما، وفيما يأتي بيان لبعض ممّا يمكن أن يقدمه الأبناء لوالديهما بعد مماتهما بشكل مفصل:
وفيما يأتي بيان لبعضِ الطرق التي إن قمت بها على الدوام توصلك إلى برّ الوالدين حال حياتهما: