من الحذف اللازم غير المقيس عليه

الكاتب: رامي -
من الحذف اللازم غير المقيس عليه

من الحذف اللازم غير المقيس عليه :

[من الحذف اللازم غير المقيس عليه]
ومن الحذف اللازم غير المقيس عليه حذف فاءات خُذْ وكُلْ ومُرْ1، والأصل: أُوْخُذْ وأُوْكُل وأُوْمُر؛ لأنَّهنَّ من الأخذ والأكل والأمر، ولكنها خففت لكثرة الاستعمال ولا يقاس عليها غيرها2. كالأمر من أجرَ الأجيرَ، وأسر الأسيرَ؛ لانتفاء كثرة الاستعمال، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال المصنِّف في الكافية الشافية 4/2166-2167:
وفاء خُذْ وكُلْ ومُرْ قد حذفا   ولا تقس وتَمَّ " مر " منعطفا
وجَوَّزَ التَّتْمِيمَ بَعْضٌ مُطْلَقَا   فيها وقَلَّ مَنْ بِذَاكَ نَطَقا
 وقال في شرح البيتين: " وزعم بعض العلماء أنَّ الثلاثة قد ورد تتميمها بعطف وبغير عطف، ولم يستشهد على ذلك بشيءٍ من الشعر ولا غيره ". وينظر الكتاب 1/266، والمفتاح في الصرف للجرجاني ص 100،  وشرح التصريف للثمانيني ص 370، وشرح الملوكي لابن يعيش  ص 366، والتعريف في ضروري التصريف ص 58، والمساعد 4/190، وشفاء العليل ص 1106.
2 المراجع السابقة.

 

اسْتُعْمِل " مُرْ " على الأصل دون أخويه1؛ لأنَّه أقل استعمالاً منهما، قال الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاَةِ}2.
ومن هذا القبيل حذف همزة " أفْعَل التفضيل " في قولهم: هو خيرٌ من هذا وشرٌّ من ذاك. والأصل: أخْيَر، وأشرُّ. وربما استعملا كذلك3.
وقال أيضاً بعض العرب في التعجب: ما خَيْرَ هذا4.
وقد شبه بعض العرب بخُذ وبابه الأمر من " أتى " فقال:

تِ لي آل زيد وانْدُهْم لي جَمَاعَةً      وَسَلْ آلَ زَيْدٍ أيُّ شَيْءٍ يَضِيْرُهَا5

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال سيبويه في الكتاب 1/266: " ولا يحملهم إذا كانوا يثبتون فيقولون في " مُرْ " أومر أن يقولوا في " خُذْ " أوخذ. وفي " كُلْ ": أوكل.  فقف على هذه الأشياء حيث وقفوا ثُمَّ فَسِّرْ ". وانظر المراجع السابقة.
2 من الآية 132 من سورة طه.
3 جاء في التصريح 2/100-101: " وأمَّا خيرٌ وشرٌّ في التفضيل فأصلهما  أخير وأشرر، فحذفت الهمزة بدليل ثبوتها في قراءة أبي قلابة {مَن الْكَذَّاب الأََشَرُّ} بفتح الشين وتشديد الراء، وقول الشاعر: بلال خيرُ الناس وابنُ الأخْيَرِ
 واختلف في سبب حذف الهمزة منهما فقيل: لكثرة الاستعمال، وقال الأخفش؛ لأنَّهما لَمَّا لم يشتقا من فعلٍ خُولِف لفظهما، فعلى هذا فيهما شذوذان حذف الهمزة وكونهما لا فعل لهما ".  وينظر شرح الكافية الشافية 2/1127، وشرح التسهيل لابن مالك 3/53، والمساعد 2/167، وشفاء العليل 2/109، والارتشاف 5/2320، والهمع 2/166، والأشموني 3/43، والدرر 2/224.
4 لم أعثر عليه في مراجعي.
5 هذا بيت من الطويل ولم أقف له على نسبة في المراجع التي بين يدي. وورد غير منسوب في سر الصناعة ص 823، وشرح التصريف للثمانيني  ص 372، والأمالي الشجرية 2/200، والضرائر لابن عصفور ص 100. وشرح الملوكي لابن يعيش ص 364، والمساعد 4/191، وشفاء العليل 3/1106، والارتشاف 1/244، والبحر المحيط 1/101، والهمع 2/218، واللسان ( أتى ).
والشاهد في البيت هو استعمال " ت " فعل أمر من " أتى " وهو ضرورة. قال ابن =الشجري: ( قوله: " فاندهم " أي فأتهم في ناديهم. وقوله: " لي " أي لأجلي ).

 

فصل / (19-أ)
ومن الحذف ما لا يطرد ولا يلزم كحذف عين فاعل المعتل مثل قولهم في " هَائِر و شَائِك ": هَارٍ1 وَشَاكٍ2. ويمكن أن يكون المحذوف من هذين ونحوهما إنَّما هو الألف الزائدة3 كما حذفت في فاعل المضاعف كقولهم في " رَابٍّ وبارٍّ وسارٍّ وقَارٍّ ": رَبٌّ وبَرٌّ وسَرٌّ وقَرٌّ4. وقد استعمل في فاعل المعتل العين التحويل كثيراً فقالوا: هارٍ وشاكٍ، فجعلوا العين موضع اللام، واللام موضع العين؛ ليكون الاعتلال في الآخر إذ هو به أولى5. وقد يحملهم الاعتناء بظهور الإعراب على عكس هذا التحويل كقولهم في " تَرَاقٍ " جمع تَرْقُوَة: ترائِق6.ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)هارٍ: اسم فاعل من " هار " بمهنى انهدم، وأصله: " هاور " وتجوز فيه  لغتان إحداهما - وهي الأكثر - حذف العين، وإعرابه بالحركات  الظاهرة على آخره فيقال: هار " وهاراً " وبهارٍ. واللغة الثانية قلب  العين مكان اللام واللام مكان العين، فيصير " هارو " فتنقلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة فيصير " هارياً " ثُمَّ يعل إعلال قاضٍ. ينظر شرح الشافية للرضي 1/224، الحواشي، والمساعد 4/193، والارتشاف 1/245، واللسان " هور " 7/128.
(2)قال في المنصف 2/53: وإنَّما " شاك " فاعل من الشوكة من الواو يراد  به السلاح ... الخ. وقال أيضاً: " وحكي أنَّهم يقولون: شاكٌ ولاثٌ بحذف العين أصلاً ".
 وشاك تجوز فيه اللغتان السابقتان في " هارٍ ". تنظر المراجع السابقة. 
(3) تنظر المراجع السابقة.
(4) تنظر المراجع السابقة.
(5) تنظر المراجع السابقة.
(6) الترقوة: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. وينظر اللسان ( ترق ) 11/314.

 

فصل في الإدغام1
إذا التقى المثلان وأولهما ساكن2 وجب إدغامه " نحو "3: قُلْ   لِزَيْدٍ: نَبِّهْ هَرِماً، وَسِرْ رَاشِداً، وَاصْحَب بَرّاً، ودَعْ عَاذِلاً، ودُمْ   مَاجِداً، وَجُدْ دَائِماً.
فإن كانت هاء السكت لم تُدْغَم؛ لأنَّها مخصوصة بالوقف، فإنْ ثبتت وصلا فالوقف عليها منوي والابْتِدَاء بما وليها منوي أيضاً فيتعين الفك كقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ   هَلَك}4.
فإنْ كان5 همزة لم يَجُز الإدغام إلاَّ أن تلي الفاء كما هي في سأَّال6
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإدغام في اللغة: إدخال الشيء في الشيء، ومنه قولهم: أدغمت اللجام  في فم الفرس، أي أدخلته فيه.وفي الاصطلاح هو كما عَرَّفه أبو علي في التكملة حيث يقول في ص 608: " الإدغام أن تصل حرفاً ساكناً بحرفٍ مثله من غير أن تفصل  بينهما بحركة أو وقف فيرتفع اللسان عنهم ارتفاعة واحدة ". وينظر المقتضب 1/197، والجمهرة ص 670، والأصول 3/405، والممتع ص 631، والمبدع ص 84، والدقائق المحكمة في شرح المقدمة  الجزرية ص 58، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 203.
2 قال ابن إيَّاز في شرحه لتصريف ابن مالك ص 204: " وإنَّما لم يدغم المتحرك لوجهين: الأول: أنَّ المتحرك قوي والحرف الساكن ضعيف...  الخ. والثاني: أنَّ أبا الفتح قرر أنَّ الحركة بعد الحرف، فإذا كان المثل الأول متحركاً كانت حركته فاصلة بينه وبين الثاني فامتنع الإدغام ". وينظر ما قرره ابن جني في سر الصناعة 1/28-29.
3 في أ: " فحل " وهو تحريف.
4 من الآيتين 28-29 من سورة الحاقة. وقد ورد عن ورش في هاتين الآيتين الإظهار والإدغام. تنظر القراءات في الآيتين في إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر 2/558. وينظر المساعد 4/251.
5 في أ: " فلو كان ".
6 ينظر شرح الشافية للرضي 3/234 وما بعدها، وشرح الكافية الشافية 4/2175، والمساعد 4/251، وشفاء العليل 3/1117، والتعريف في ضروري التصريف ص 60، وشرحه لابن إيَّاز ص  205.

 

ونحوه، على ما ذكر في باب الهمزة1، وإنَّما لم تدغم الهمزة؛ لأنَّ تضعيفها أثقل من تضعيف غيرها، ولذلك أهمل كون العين واللام همزة واستعمل ذلك في سائر الحروف، وأيضاً فللهمزة عن الإدغام مندوحة2 - " أي سعة وجه " -3 فيما اطرد من التخفيف الخاص بها كإبدالها ساكنة بمدة تجانس حركة ما قبلها، فيقال على هذا في " أكلا أحمد " ونحوه: " أكلا لأحمد " إن أوثر الإبدال، و " أكلأَ أَحمد " إن أوثر تحريك الساكنة بحركة المتحركة4. وإن كان أول المثلين حرف مد متطرفاً لم يجز الإدغام أيضاً نحو: يُعْطِي يَاسِرٌ، ويَغْزُو وَاقِدٌ5؛ لأنَّ المدَّ الذي في حرف المد قائم مقام حركة ولذلك جاز التقاء الساكنين إذا كان أولهما ممدوداً باطراد في نحو: دَابَّة وآالغلام قال ؟.
وبغير اطراد في نحو " الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَان "6.
فكما امتنع إدغام المتحرك امتنع إدغام الممدود إلاَّ أنَّ المدّ ألزمُ للمدود من الحركة للمتحرك، فلذلك سُوِّيَ بينهما في التزام زوالهما توصلاً إلى: " إدغام "7 المتصل؛ لأنَّه أهمُّ من إدغام المنفصل نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تنظر ص 116
2 في أ: " مند " بحذف بقية حروف الكلمة.
3 ما بين الأقواس "   " لا يوجد في ب.
4 تنظر المراجع السابقة في الحاشية (6) ص 197
5 ينظر التعريف في ضروري التصريف ص 60، وشرح الكافية الشافية 4/2175، وشرح ابن إيَّاز ص 205، وشرح الشافية 3/234
6 قال في اللسان ( بطن ) 16/191: " ومن أمثال العرب التي تضرب للأمر إذا اشتد: التقت حلقتا البطان ".
7 في أ: " الإدغام ".

 

" رَادٍّ، ومدعوٍّ " ما لم يكن أولهما بدلاً من مدة فيتعين الفك نحو: " قُووِل " لئلا يلتبس فَاعَل بفَعَّل1؛ ولأنَّ الواو الأولى بدل من ألفٍ فكان اجتماعها بالثانية عارضاً، فلو كان الأول مبدلاً من غير مدة بدلاً لازماً تعين الإدغام نحو: أُوُّبٍ، وهو مثال: أبْلُمٍ من أوَّبٍ، وأصله: أُؤْوُبٌ بهمزتين فأبدلت الثانية واواً على سبيل اللزوم2 لما تقدم، فأشبهت الواو المزيدة في مثال جَوْهَر من " قول " فقيل أوَّب / (19-ب) كما قيل: قَوَّل.
فلو كان الأول مبدلاً من غير مَدّة بدلا غير لازم جاز فيه الإدغام والفك كقوله تعالى: {أثَاثاً وَرِئْيًا}3 في وقف حمزة4، فإنَّه يبدل الهمزة ياء5، وللآخذ بروايته أن يقول: " رِيَّا " بالإدغام، و " رِيْيَا " بالفك، وفُرِّقَ بين الممدود مع مثله، والمتحرك مع مثله في المنفصل فجاز الوجهان في المتحرك نحو: قَعَدَ دَاوُدُ، وتعين المنع في الممدود نحو: " صَلُّوا وَاحِداً " ما لم يكن جارياً بالتحريك مجرى الحرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر شرح الشافية للرضي 3/237، والمساعد 4/252.
2 المرجعان السابقان.
3 من الآية 74 من سورة مريم.
4 هو أبو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة التيمي ولاءً أ الزيات الكوفي،  أحد القُرَّاء السبعة، وُلِدَ سنة ثمانين وأدرك الصحابة بالسن، وقرأ القرآن  عرضاً على الأعمش وجعفر الصادق وغيرهما. وتصدَّر للإقراء وقرأ عليه  عددٌ كثير، توفي سنة ستٍ وخمسين ومائة. تنظر أخباره في معرفة القُرَّاء الكبار 1/111 وما بعدها،   وطبقات ابن سعد 6/385، والمعارف ص 529، ووفيات الأعيان 2/216، وغاية النهاية 1/261- 263.
5 تنظر الحجة للقُرَّاء السبعة 5/209، والدر المصون 4/630، والمساعد 4/252.

 

لصحيح كـ {يَاْتِيَ يَوْمٌ}1 و {هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا}2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جزء من الآيات: 31 من سورة إبراهيم، 43 من سورة الروم، 47 من سورة الشورى.
2 من الآية 254 من سورة البقرة.

فصل
فإنْ تحرَّك المثلان في كلمةٍ وجب تسكين أولهما وإدغامه نحو: اشْتَدَّ فهو مُشْتَدُّ، والأصل: اشْتَدَدَ فهو مُشْتَدِدٌ.
وتنقل حركة المدغم إلى ما قبله إن كان ساكناً نحو: أجَدَّ فهو مُجِدٌّ(1).
فإنْ كان الساكن حرف مد أو ياء تصغير كحَاجَّ وتُحُوجَّ، ودُوَيّبة(2)، فلا نقل إذ لا حاجة إليه لقيام المدَّة(3) مقام الحركة في التوصل إلى الإدغام؛ ولأنَّ الحرف المجلوب للمد لا يحرك لئلا يفوت ما جلب لأجله.
وياء التصغير تشبه ألف التكسير في السكون واللين والزيادة لمعنىً متجددٍ ثالثةً بعد فتحة مطلقاً، وقيل كسره فيما يكسر ما بعد ألف تكسيره فلم يحرك لذلك؛ ولذلك لم يجز لمن قال في " كفء ": كفٌ بالنقل أن يقول في كَفِئٍ كَفِى.
وإن كان الساكن حرف لين غير ما ذكر جرى مجرى الصحيح في نقل حركة المدغم إليه نحو: أودُّ فلاناً وأنتَ أوَدُّ منه(6) .
فإنْ تصدَّر المثلان امتنع الإدغام إلاَّ أن يكون أولهما تاء المضارعة فقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصلهما: أجْدَد فهو مُجْدِد، فنقلت حركة الدال إلى الجيم التي قبلها فسكنت الدال فأدغمت في الدال التي بعدها.
(2)ينظر شرح ابن الناظم ص 870، والمساعد 4/252، وشرح ابن إيَّاز لتصريف ابن مالك ص 206.
(3) في أ: " المد ".
(4)ينظر شرح الشافية للرضي 1/27، 2/212، 3/243.

 

ا تدغم بعد مَدَّة أو حركة نحو: {ولا تَّيَمَّمُوا}1، و {تَكَادُ تَّمَيَّزُ}2.
ويمنع من الإدغام أيضاً كون المثلين المتحركين واوين في آخر كلمة كَقَوِى؛ لأنَّ الثانية قد نالها الإعلال3.
وكذلك إن كانا ياءين غير لازم تحريك ثانيتهما نحو: " يحيى"4 وربما نال الإدغام هذا النوع أنشد الفراء:

وكَأَنَّها بَيْن النِّسَاءِ سَبِيكةٌ      تَمْشِي بِسُدَّة بَيْتِِهَا فَتُعِيُّ5

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من الآية 267 من البقرة، وأصلها: " تتيمموا ".
2 من الآية 8 من سورة الملك، وأصلها: " تتميز ". قال سيبويه في الكتاب 4/440: وأمَّا قوله عزَّ وجلَّ: {فَلا تَتَنَاجَوْا} فإن شئت أسكنت الأول للمد، وإن شئت أخفيت وكان بزنته متحركاً، وزعموا أنَّ أهل مكة لا يُبَيِّنُون التاءين ". وتنظر الأصول لابن السراج 3/411، وينظر شرح الشافية للرضي 3/239 وما بعدها، والمساعد 4/253، والارتشاف 1/339، والممتع 2/637.
3 أصلها: " قَوِوَ " فتحركت الواو بعد كسرة وهي في الطرف فأبدلت ياءً،  فلمَّا وقع القلب امتنع الإدغام. تنظر: الأصول 3/412، والتعريف في ضروري التصريف ص 60، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 206.
4 هذا الفعل إذا سبقه ناصب يحرك بالفتحة، ويبقى آخره ساكناً في حالة الرفع. ومثله "محيى" فإنَّه ينصب بالفتحة ويبقى ساكناً في حالتي الرفع والجر.
5 هذا بيت من بحر الكامل نُسِبَ في تاج العروس ( عي ) للحطيئة، ولم يرد في شرح ديوانه لابن السكيت الذي حققه د. مفيد محمد قميحة. وقد أورده الفراء في معاني القرآن 1/412، والأزهري في تهذيب اللغة 3/258، وابن جني في المنصف 2/206، والمحتسب 2/269، والمعري في رسالة الغفران ص 105، والطوسي في التبيان 5/147، وابن عصفور في الممتع 2/585، 587، والرواية في أكثرها " فكأنها " بالفاء.  والسبيكة: القطعة من الذهب أو الفضة. وسُدَّة البيت فناؤه.
 قال ابن جني في المنصف: " فأمَّا قول الشاعر:
وكأنَّها بين النساء.... ... الخ
 فبيت شاذ، وقد طعن في قائله والقياس ينفيه ويسقطه ".
وقال الأزهري في تهذيب اللغة: " وقال أبو إسحاق: هذا غير جائز عند حذاق النحويين. وذكر أنَّ البيت الذي استشهد به الفراء ليس بمعروف. قلت: والقياس ما قال أبو إسحاق وكلام العرب عليه ".

 

ويمنع أيضاً من إدغام المثلين المتحركين في كلمة كون أحدهما للإلحاق نحو: " قَرْدَدٍ "1، فإنَّه ملحق بِجَعْفَر، فالدال الأولى بأزاء الفاء، والدال الآخرة بإزاء الراء، فلو أدغم لسكنت الدال الأولى ونقلت حركتها إلى الراء التي قبلها لئلا يلتقي ساكنان فلا يبقى حينئذٍ " موازن "2 ما ألحق به، فيتعين فيه وفي أمثاله الفك ليتبين بذلك كونه ملحقاً3.
وكذلك لو كان المثلان أصلين مسبوقين بمزيد للإلحاق نحو: " أَلَنْدَد " بمعنى الألَدَّ - وهو الشديدُ الخصومة -4 فإنَّه ملحق بسفرجل، فيتعين فكه لئلا يصير بالإدغام مخالفاً لما ألحق به.
ومن موانع الإدغام كون الذي فيه المثلان اسماً مخالفاً وزن الفعل كـ " ذُلُل5، وظُلَل، وكِلَل "6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 " القَرْدَدُ: المكان الغليظ المرتفع، وإنَّما أظهر التضعيف؛ لأنَّه ملحق بفَعْلَل  والملحق لا يدغم ". الصحاح ( قرد ) 2/524
2 كلمة " موازن ": ساقطة من ب.
3 ينظر شرح الكافية الشافية 4/2178، والمساعد 4/254، وأوضح المسالك 4/363، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 206
4 ينظر الكتاب 4/247، والجمهرة 1/76، ومختصر شرح أمثلة سيبويه  للجواليقي   ص 37.
5 ذُلُل: جمع ذلول، وهو السهل المطيع. ينظر القاموس ( ذلّ ) 3/390
6 الكِلَل: الصوامع والقباب التي تبنى على القبور. اللسان ( كلل ) 4/1150. وينظر في هذه المسألة الممتع 2/644-645 وشرح الشافية للرضي 3/242، والتعريف في ضروري التصريف ص 61، والأصول 3/406، والتسهيل ص 321، وشرح الكافية الشافية 4/2178، وشرح ابن الناظم ص 207، والمساعد 4/254، والارتشاف  1/340، وشرح تصريف ابن مالك لابن إيَّاز ص 207-208.

 

وكذلك مثال: " إِبِل " لو بني من مضاعف لوجب فكه أيضاً لمخالفة وزنه وزن الفعل1، وقد منعوا إدغام " فَعَل " اسماً كـ " طَلَل " / (20-أ) مع كونه على وزن الفعل2، قصدوا بذلك التنبيه على فرعيَّة الاسم في الإدغام وعلى خفة الفتحة، وأنَّ المتحرك بها إن لم يكن فعلاً ولا اسماً مزيداً فيه مستغن عن التخفيف بالإدغام استغناءه عن التخفيف بالتسكين عند ملاقاة غير المثل، بخلاف المتحرك بالكسرة والضمة فإنَّه خفف بالتسكين مع غير المثل نحو: كَبِدٍ، وعَضُدٍ، فقيل فيهما: كَبْد3وعَضْد4، وذلك مطرد في لغة تميم. وكذلك يُصْنَع بالأفعال فيقال في " عَلِم، وظَرُف ": " عَلْمَ وظَرْفَ " وكذلك ما أشبههما5.
فلمَّا خفف المتحرك بالكسرة أو الضمة بالتسكين عند ملاقاة غير المثل خفف بالإدغام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تنظر المراجع السابقة.
2 ينظر الممتع 2/644-645، وشرح الشافية للرضي 3/242 وفيه: " وأيضاً لو أدغم فَعَلٌ مع خفته لالتبس بفَعْل ساكن العين فيكثر الالتباس". وينظر المساعد 4/254-255، والارتشاف 1/340.
3 فيها ثلاث لغات ( كَبِد، وكِبْد، وكَبْد للتخفيف ). ينظر الصحاح  ( كبد ) 2/529
4 قال في الصحاح ( عضد ) 2/509: " العضد الساعد، وهو من  المرفق إلى المنكب، وفيه أربع لغات: عَضُدٌ، وعَضِدٌ، مثال: حَذُر وحَذِر، وعَضْدٌ، وعُضْدٌ، مثال: ضَعْفِ وضُعْفٍ ". وجاء في كتاب لغة تميم للدكتور ضاحي ص 189-190: " نطق العرب كلمة عضد بصيغ سِت هي: 1 - عَضُد، 2 - عَضْد - وهي التي نطقت بها تميم -، 3 - عُضد، 4 - عَضِد، 5 - عَضْد، 6 - عِضْد".
5 هنا انتهت نسخة " ب ".

 

فصل
فإنْ ولي المثلين المتحركين في اسم هاء التأنيث، أو ألفه الممدودة، أو المقصورة، أو الألف والنون الزائدتان، وكان ما هما فيه لا يوازن الفعل مع التجريد ففكه لاحقاً به ما ذكر أولى من فكه مجرداً1؛ لأنَّ مخالفته مجرداً للفعل بالوزن خاصّةٌ، ومخالفته له لاحقاً به ما ذُكِرَ بالوزن ولحاق زيادة تخص الأسماء، وذلك نحو " الخُشَشَاء " وهو العظم الناتئ خلف الأذن2، والْحُمَمَةُ وهي القطعة من الفحم3، و " القَرُرَة " - وهي اللازقة بأسفل القدر -4، و " الحِبَبَة " - وهي خوابي الماء -5، وكذلك إن كان ما هما فيه على فَعَلان ك " الرَجَجَان " – وهو الدبيب-6 فالفك فيه متعين7؛ لأنَّه مع التجريد على " فَعَل "، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الممتع 2/647، وشفاء العليل 3/1118، والتصريح 2/399، والأشموني 4/.347.
2 قال في الصحاح ( خشش ) 3/1004: " والخشَّاء العظم الناتئ خلف لأذن، وأصله الخُشَشَاء على فُعَلاَء فأدغم... فسكنت استثقالاً للحركة على الواو؛ لأنَّ فعلاء بالتسكين من أبنيتهم ". وينظر الممتع 2/647، وشرح الشافية للرضي 2/140، والارتشاف 1/340.
3 ينظر الصحاح ( حمم ) 5/1904-1905.
4 قال الأزهري في تهذيب اللغة 8/279: " أبو عبيد عن الكسائي يقال للذي يلزق بأسفل القدر: القُرَارَة، والقُرُرَة. قال أبو عبيد: وحكى الفراء عن الكسائي: هو القُرَرةُ، وأمَّا أنا فحفظي: القُرُرة ".
5 قال في الصحاح ( حبب ) 1/105: " والحُبُّ الخابية، فارسي معرب،  والجمع: حِبَاب وحِبَبَةٌ ".
6 ينظر الصحاح ( دجج ) 1/313، والقاموس 1/187
7 تنظر المراجع السابقة في الحاشيتين (1)(2).

 

تقدَّم أنَّ " فَعَلاً " لا يدغم مع كونه مشابهاً للفِعْل، فإذا لحقه ما هو مختص بالاسم فهو أحق بامتناع الإدغام.
فإن كان ما هما فيه عند التجريد على فَعِلٍ أو فَعُلٍ فإدغامه مع لحاق هاء التأنيث مُتعين كما هو مع عدمها، وذلك نحو: صَبَّة أنثى صَبَّ1، فاستصحب الإدغام مع تاء التأنيث كما استصحب معها الإعلال على ما تقدَّم؛ ولأنَّ لحاقها مساوٍ للحاق التاء الفعل الماضي في نحو: " فَعَلْت "، فلم توجب مخالفة ما اتصلت به للفعل بل زادته شبهاً به، فإنْ كان ما هما على فَعِلاَن أو فَعُلاَن كبِنَاء مثل: " ظَرِبَان 2، وسَبُعَان "3 من الرد، وذلك: "رَدِدَانٌ" و "رَدُدَان" ففيه مذهبان: الفك، والإدغام4، فمن فك فلأنَّ المثال قد خالف الفعل بزيادة تخص الأسماء ولا تكون في الأفعال، فوجب الفك معها في: رَدِدَان ورَدُدَان، ونحوهما. كما وجب معهما التصحيح في الجَوَلاَن والصوَرَى ونحوهما5. ومن أدغم فلأنَّ العناية بالإدغام أشد من
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصله: " صَبِبٌ " على وزن " فَعِل ".
2 الظَّربان: دابة مثل القرد شديدة النتن يقال  إنَّها تجيء إلى حجر الضب فتنضو فيه فإن هو خرج وإلاَّ قتله فَسْوُها. والجمع ظِربى، وظَرَابى، وظرابيٌّ ". مختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 123.  وتنظر الجمهرة 1/263، والكتاب 4/259، والنكت في تفسير كتاب سيبويه 2/1151.
3السبُعَان: اسم موضع. ينظر الكتاب 4/259، ومختصر شرح أمثلة سيبويه للجواليقي ص 106، والنكت 2/1151.
4 ذهب الخليل وسيبويه إلى الإدغام، ورجَّح الأخفش الإظهار. ينظر الكتاب 4/427، والأصول 3/407، والمنصف 2/310، والممتع 2/647، وشرح الشافية للرضي 3/243، والارتشاف 1/341، والأشموني 4/347.
5 تنظر ص 172173.

 

العناية بقلب الواو والياء ألفين إذا لم يتطرفا؛ ولذلك أدغموا أفْعَل في التفضيل والتعجب نحو: الأشدّ وما أشدَّه، ولم يقلبوه فيهما نحو: الأجود وما أجوده، وصححوا كثيراً من موازن أفْعَل واسْتَفْعَل كأعْوَل واسْتَحْوَذ، حتى رأى بعض العلماء  /  (20-ب) القياس على ما صحح من ذلك سائغاً، ولم يرد فك ما وازن ذلك من المضاعف كأعدَّ واستعدَّ، وإنَّما فاق الإدغام والإعلال المذكور في العناية به؛ لأنَّ النقل بتركه زائد على النقل بترك الإعلال، ولأنَّ الإدغام تدعو الحاجة إليه في جميع الحروف إلاَّ الألف.
فلو ترك كثر الاستثقال؛ لكثرة موانع اجتماع المثلين، ولو ترك الإعلال المذكور لم يلزم ذلك لقلة مواقعه؛ إذ لا يكون إلاَّ في الواو والياء، وأيضاً فإنَّ التغيير اللازم مع الإدغام أقل من التغيير اللازم مع الإعلال المذكور، فإنَّ المدغم لم يتبدل مخرجه بخلاف المُعَلِّ وإنَّ المدغم لا يعرض له ما يوجب حذفه بخلاف الياء والواو إذا قلبتا ألفاً فإنَّها تحذف؛ لسكون ما بعدها نحو: أقمت، وإذا صحت سلمت من ذلك كاستحوذت، فاستحق الإدغامُ مزيدَ عنايةٍ لقربه من الأصل وهو عدم التغير، ومع ذلك فقد شذ الفك في الأفعال على فَعِل نحو: لَحِحَت1 العين إذا التزق جفناها من الرمص2، وصَكِكَ الفرس3، وقَطِطَ الشعر إذا اشتد تجعده4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر اللسان ( لحح ) 3/412
2 قال في الصحاح (رمص) 3/1042: "والرمَص - بالتحريك - وسخ يجتمع في الموقد".
3 أي اضطربت ركبتاه و عرقوباه. ينظر القاموس ( صَكَّ ) 3/320
4 ينظر الصحاح ( قطط ) 3/1154.

 

وأَلِلَ السقاء تغيَّرت رائحته، والأذن رقت، والأسنان فسدت1، وضَبِبَ البلد كثرت ضبابه2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الصحاح واللسان ( ألل ).
2 ينظر الصحاح ( ضَبِبَ ). وينظر في هذه المسألة: الخصائص 1/162، والمنصف 2/302-303 والممتع 1/252، وشرح الكافية الشافية 4/2180-2181، والارتشاف 1/338، والتصريح 2/403، والأشموني 4/348

فصل
لو بُنِيَ مثال سَبُعَان - وهو اسم مكان - مِمَّا عينه واو ولامه واو ك " قَوُوَان " من القوة، ففيه ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن يعطى الواوان مع الألف والنون ما أعطيتا مع هاء التأنيث فتكسر الأولى وتقلب الثانية ياءً فيقال: قَوِيان. وهو اختيار أبي العباس3.
والثاني: أن تدغم الأولى في الثانية؛ لأنَّهما مثلان متحركان في مثالٍ يوجد في الأفعال؛ لأنَّ " قَوُوَ " من قَوُوان كظَرُف4.
والمذهب الثالث: ترك الإدغام وترك الإعلال؛ لأنَّ الألف والنون في آخره وهما زيادتان مختصتان بالأسماء، فأوجبتا التصحيح كما أوجبتاه في الْجَوَلان، وأوجبتا الفك بغير ما أوجبتا التصحيح، وهو أنَّ المثال بهما قد خالف الفعل وإنَّما يُعَلُّ ويُدغَمُ ما أشبه الفعل لا ما خالفه.
وهذا اختيار سيبويه في قَوُوَان ونحوه5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نسب له هذا الرأي في المنصف 2/281 وما بعدها. وقال ابن عقيل في المساعد 4/262: " فتقول: قَوِيَان، وهذا قول الأخفش والمازني والمبرد وأكثر أهل العلم ".
2 وقد اختار هذا الرأي ابن جني فقد قال في المنصف 2/282: " والوجه عندي إدغامه ليسلم من ظهور الواوين إحداهما مضمومة ".
3 انظر نسبته له في المنصف 2/282، والمساعد 4/262.

 

فصل
إذا سكن ثاني المثلين؛ لاتصاله بضمير مرفوع نحو: " حَلَلْت " تعين الفك1؛ لأنَّ الإدغام يوجب تسكين الأول، والاتصال بالضمير يوجب تسكين الثاني، فترك الإدغام فراراً من التقاء الساكنين، وكان تحريك الأول أولى؛ لأنَّ حركته تدل على وزنه وهي مع التسكين مُحْتَمَلٌ كَوْنُها فتحةً أو كسرةً أو ضمةً، بخلاف حركة الثاني فإنَّه لا يُشك في أنَّها فتحة، إذ المتحرك بها آخر فعل ماض، وقد عُلِمَ كونه مبنياً على الفتح، على أنَّ بعض العرب يبقي الإدغام ويحرك المثل المتصل بالضمير وهي لغة رديئة2.
فإنْ كان السكون للجزم نحو: " لم يَرْدُدْ "، أو للوقف نحو: " ارْدُدْ " جاز الفك على مذهب الحجازيين3 وهو القياس، وجاز الإدغام على مذهب بني تميم4 حملاً على فعل غير الواحد، ويحركون الثاني / (21/أ) بالفتحة؛ لخفتها، أو بمثل الحركة التي كانت في العين اتباعاً للفاء.
وفي التزام الضم في نحو: " رُدُّهُ "، والفتح في نحو: " رُدَّهَا " خلاف5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر الكتاب 3/534-535، والممتع 2/660، وشرح الشافية للرضي  3/244، وشرح الكافية الشافية 4/2190، والمساعد 4/257-258،  والارتشاف 1/343، والأشموني 4/351
2 قال في الكتاب 3/535: " وزعم الخليل أنَّ أناساً من بكر بن وائل يقولون: رَدَّنَ، ومَدَّنَ، ورَدَّت جعلوه بمنزلة ( ردَّ ومَدَّ ". وينظر  المساعد 4/258
3 قال المصنف في شرح الكافية الشافية 4/2190: " وبها جاء القرآن غالباً، قال الله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ منكم...}.
4 وقال أيضاً في شرح الكافية الشافية: " والإدغام لغة بني تميم، وعليها قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكوفيين {مَنْ يَرْتدَّ منكم} في المائدة.." وتنظر هذه المسألة في الهمع 2/227، والأشموني 4/353.
5 تنظر المراجع السابقة، والممتع 2/658، وشرح الشافية 3/244-247  ، والارتشاف 1/343.

 

فإن كان المستحق لسكون الوقف أفعل تعجباً ففكه مجمعٌ عليه1 نحو: " أَجْلِل بزيد ".
وإنَّما وافق بنو تميم أهلَ الحجاز في فك هذا ولم يوافقوهم في نحو: " ارْدُدْ "؛ لأنَّ " ارْدُدْ " معرض لتحريك ثاني مثليه لساكن يليه كـ " ارْدُدْ " الشيء، وهذا شبيه بالفك المتروك إجماعاً ولا يؤدي فك " أجْلِل " ونحوه إلى هذا؛ لأنَّه لا يليه إلاَّ الباء المجرور بها غالباً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بل خالف فيه الكسائي فأجاز الإدغام. ينظر المساعد 4/258، والارتشاف 1/343، والهمع 2/227، والأشموني 4/353

فصل
إذا كان المثلان في كلمةٍ ياءين لازماً تحريك ثانيهما نحو: " حَيِىَ، وأَحْيِيَة "2 جاز الفك والإدغام، قال الله تعالى: {وَيَحْيَى مَنْ حَيِىَ عَنْ بَيِّنَة}3.
قرأه بالفك نافع4، والبزي5، وأبو بكر6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 الأحْيِيَة: جمع حَياء، وهو الفرج من ذوات الخف والظلف والسباع.
3 من الآية 42 من الأنفال.
4 هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي المدني، أحد القراء السبعة، ثقة صالح، كان صبيح الوجه حسن الخلق، أخذ القراءة عرضاً عن جماعة من التابعين بالمدينة، توفي سنة 169، وقيل 170، وقيل 167، وقيل غير ذلك. تنظر ترجمته في غاية النهاية 2/330-334، ومعرفة القراء الكبار 1/107.
5 هو أحمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة، الإمام أبو الحسن المكي، مقرئ مكة ومؤذِّن المسجد الحرام، أحد تلاميذ ابن كثير، كان محققاً ضابطاً متقناً، توفي سنة 250. تنظر ترجمته في غاية النهاية 1/119-120.
6 هو شعبة بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد رواة الإمام عاصم، كان سيداً حجة كثير العلم والعمل منقطع النظير، توفي سنة 193ه. تنظر ترجمته في معرفة القراء الكبار 1/134-138، وطبقات ابن سعد 6/269، وتذكرة الحفاظ 1/265-266، وغاية النهاية 1/325-327.

 

وقرأه الباقون بالإدغام1.
فمن أدغم فلاجتماع مثلين متحركين في كلمةٍ خاليةٍ من الموانع المتقدِّم ذكرها.
ومن فك فلأنَّ اجتماعهما غير لازم؛ لأنَّ ثاني المثلين في مضارع " حَيِىَ " ألف، وفي واحد " أَحْيِيَة " همزة، فاغتفر اجتماعهما إذ لم يكن إلاَّ في بعض الأحوال، فجاز فيه الوجهان2.
وكذلك يجوز الفك والإدغام في الاحويواء ونحوه - وهو من الحُوَّة - فمن أدغم فلأنَّ المثلين قد اجتمعا محركين في كلمة، وليس أحدهما للإلحاق، ولا معهما شيء من سائر الموانع، واللفظ به حينئذٍ حوّاء، ومن لم يدغم فلئلا يلتبس أفعلال مصدر أفْعَلَّ أو أفْعالَّ بفعال مصدر فَعِل، ولئلا يجتمع في كلمة واحدة إعلالان أحدهما الإدغام والثاني قلب اللام الآخرة همزة3. ولذلك يجوز الفك والإدغام - أيضاً - إذا كان أول المثلين تاء الافتعال نحو: افتتن افتتاناً، واختتن اختتاناً، فمن أدغم فلأنهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تنظر القراءات في الآية وتوجيهها في السبعة في القراءات ص 307، ومعاني القرآن للفراء 1/411-412، ومعاني القرآن للأخفش  2/456-457، والعنوان في القراءات السبع ص 100، والنشر في  القراءات العشر 2/276.
2 ينظر الكتاب 4/395 وما بعدها، والمقتضب 1/181 وما بعدها، والمنصف 2/187 وما بعدها، وشرح الشافية للرضي 3/115 وما بعدها، وشرح الكافية الشافية 4/2184، والمساعد 4/258،  والارتشاف 1/346.
3 ينظر الكتاب 4/404، والمقتضب 1/177، والمنصف 2/221-222  وشرح الشافية للرضي 3/120-121، والمساعد 4/259.

 

مثلان متحركان في كلمة وليس معهما شيء من الموانع، ومن فك فلئلا يلتبس افتعل بفعل؛ ولأنَّ تاء الافتعال لا يلزم أن تليها تاء فكان التقاء المثلين فيه عارضاً فأشبه المنفصل1.
وكذلك يجوز الفك والإدغام إذا كان أول المثلين نوناً هي آخر فعل، أو علامة رفع، أو جمع إناث، وليس قبلها ساكن صحيح نحو: {مَكَّنِّي}2، و {تَأْمَنَّا}3 و {أَتُحَاجُّونِّي} 4 و {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} 5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر شرح الشافية للرضي، والمساعد الصفحات السابقة وما بعدها.
2 من الآية 95 من سورة الكهف وتمامها: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماًً}. قرأها ابن كثير وحده ( مكنني ) بنونين خفيفتين، وقرأها الباقون بنون واحدة مشددة مكسورة بإدغام النون التي هي لام الفعل في نون الوقاية.
 تنظر السبعة في القراءات ص 400، ومعاني القراءات 2/125، والإتحاف 2/226
3 من الآية 11 من سورة يوسف وتمامها {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ}. قرأها أبو جعفر بالإدغام المحض بلا إشمام ولا روم، فينطق بنون مفتوحة مشددة. وقرأ الباقون بالإدغام مع الإشارة التي جعلها بعضهم روماً فيكون حينئذٍ إخفاء، فيمتنع الإدغام الصحيح؛ لأنَّ الحركة لا تسكن رأساً، وإنَّما يضعف صوت الحركة. وجعلها بعضهم إشماماً فيشير بضم شفتيه إلى ضم النون بعد الإدغام فيصح معه حينئذٍ كمال الإدغام. ينظر: إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر 2/141.
4 {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}.. من الآية 80 من سورة الأنعام، قرأها نافع وابن عامر {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ} مخففة النون. وشدَّدها الباقون. تنظر القراءتان وتوجيههما في معاني القراءات 1/367، والسبعة ص 261، والمبسوط ص 197، والإتحاف 2/20.
5 من الآية 64 من سورة الزمر وتمامها {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} . قال الأزهري في معاني القراءات 2/341: " قرأ ابن كثير وحده {تَأمُرونِّيَ} بنون مشددة والياء مفتوحة. وقرأ نافع وابن عامر (تأمُرُونِّي) بالتشديد وسكون الياء. وقال هشام بن عمَّار: ( تأمرونني)  بنونين... الخ". وينظر كتاب السبعة ص 563، والنشر في القراءات العشر 2/363، وإتحاف فضلاء   =البشر 2/431-432

 

فمن أدغم فلاجتماع مثلين على نحو اجتماعهما في الافتتان، ومَنْ لم يدغم فلأنَّه اجتماع عارض بعد تمام الكلمة بأول المثلين. والله أعلم.
كمل الكتاب والحمد لله رب العالمين
وصلواته على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين
وهو ( إيجاز التعريف في علم التصريف )
غفر الله لمصنفه ولكاتبه ولقارئه وللمسلمين أجمعين
والحمد لله رب العالمين...1 إذ قطع م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 كلمة غير مقروءة ولم أفهم المراد بها وبما بعدها.

شارك المقالة:
254 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook