يقع المسجد الأقصى في الركن الجنوبي الشرقي من سور القدس، ويعتبر المسجد الثاني الذي عمّر في الأرض، فهو أوّلى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، عن أبي ذر الغفاري، رضي الله عنه، قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت ثم أي؟ قال:المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصلّه، فإنّ الفضل فيه) وتسميته بهذا الاسم هي تسمية القرآن الكريم، فقد ورد ذكره في القرآن بالمسجد الأقصى، وأطلق عليه عدة مسميات منها الحرم القدسي الشريف، وبيت المقدس، وإيلياء.
يقال أنّ الملائكة هم أوّل من بنوا المسجد الأقصى بأمر من الله تعالى، والأرجح أنّ أوّل من بناه هو آدم عليه السلام، إذ بناه بعد أربعين سنة من بناء المسجد الحرام، دون أن يكون قبله كنيس، أو كنيسة، أو هيكل، أو معبد، ثم توالت عمليات ترميمه بيد الأنبياء، حيث رمّمه سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم أبناؤه إسحاق، ويعقوب عليهم السلام، وجدد بناءه بعد ذلك سيدنا سليمان عليه السلام، وهناك بعض الروايات تقول أنّ داود عليه السلام بدأ ببنائه، وأكمل سيدنا سليمان عمله من بعده، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ).
تعتبر قبة الصخرة من أقدم الآثار المعمارية الإسلامية الباقية حتى الآن، بناها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وهي من جواهر الفنون الإسلامية، وتمّ بناؤها داخل أسوار المسجد الاقصى المبارك، وتشكل أعلى بقعة في المسجد، ويوجد أسفلها كهف مربع في سقفه ثقب، وهي لم تكن قبّة معلقة في يوم من الأيام كما يشاع عنها، فهي متصلة بالأرض من أحد الجوانب، وصنعت هذه القبة من الخشب، وتغطّيها ألواح من الرصاص، وألواح من النحاس اللامع، وتتميّز بازدواجيتها، فهي قبتين داخليّة، وخارجيّة.