من حكم الإمام الشافعي الشعرية (1)

الكاتب: المدير -
من حكم الإمام الشافعي الشعرية (1)
"من حكم الإمام الشافعي الشعريَّة [1]




 

داوِ سفاهة السفيه بالحلم:
يُخاطبني السفيهُ بكلِّ قبحٍ
فأَكْرُهُ أن أكون له مجيبَا
يزيدُ سفاهةً فأَزيد حلمًا
كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبَا


لا تُجبِ السفيه:
إذا نطَق السفيهُ فلا تُجبه
فخيرٌ من إجابته السكوتُ
فإن كلَّمته فرَّجتَ عنه
وإن خلَّيته كمدًا يموتُ


لا تُجب اللَّئيمَ:
قلْ بما شئتَ في مسبَّة عرضي
فسكوتي عن اللئيم جوابُ
ما أنا عادمُ الجوابِ ولكن
ما ضرَّ الأُسدَ أنْ تَجيبَ الكلابُ


ترفَّع على مالا عند النَّاس تكن غنيًّا:
بلوتُ بنِي الدنيا فلم أرَ فيهم
سوى من غدا والبخل ملءُ إهابهِ
فجرَّدتُ مِن غمد القناعة صارمًا
قطعتُ رجائي منهم بذُبابهِ
فلا ذا يراني واقفًا في طريقهِ
ولا ذا يراني قاعدًا عند بابه
غنيٌّ بلا مالٍ عنِ النَّاس كلِّهم
وليس الغنا إلَّا على الشيء لا بهِ


الظلم:
إذا ما ظالمٌ استحسَن الظلمَ مذهبًا
ولَجَّ عتوًّا في قبيح اكتسابه
فكلْهُ إلى صرف الليالي فإنَّها
ستدعي له ما لم يكن في حسابه
فكمْ رأينا ظالِمًا متمرِّدًا
يرى النَّجم تِيهًا تحت ظلِّ رِكابه
فعمَّا قليلٍ وهو في غفلاته
أناختْ صروفُ الحادثات ببابِه
فأصبح لا مالٌ ولا جاهٌ يُرتجَى
ولا حسنات تلتقي في كتابه
وجُوزِيَ بالأمر الذي كان فاعلًا
وصبَّ عليه الله سوطَ عذابِه


رفعة أهل الفضل:
أرى الغِرَّ في الدنيا إذا كان فاضلًا
ترقَّى على رؤوس الرجال ويخطبُ
وإن كان مثلِي لا فضيلة عنده
يُقاس بطفلٍ في الشوارع يلعبُ


العزُّ في الهجرة والغربة:
ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدبٍ
مِنْ راحةٍ فدعِ الأوطانَ واغتربِ
سافرْ تجدْ عِوَضًا عمَّن تُفارقه
وانصب فإنَّ لذيذ العيش في النَّصبِ
إني رأيت وقوف الماء يُفسده
إن ساح طاب وإن لَّم يَجرِ لم يَطِبِ
والأُسد لولا فراقُ الغاب ما افترسَت
والسهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يُصبِ
والشمس لو في الفلكِ دائمةٌ
لَملَّها النَّاس مِن عَجمٍ ومِن عَرَبِ
والتبرُ كالتُّرب مُلقًى في أماكنه
والعودُ في أرضه نوعٌ من الحطبِ
فإن تغرَّب هذا عزُّ مطلبهِ
وإن تغرَّب ذاك عزٌّ كالذهبِ


فوائد الهجرة والسفر:
تغرَّب عن الأوطان في طلب العُلا
وسافر ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ
تفرُّجُ همٍّ واكتسابُ معيشةٍ
وعلمٌ وآدابٌ وصُحبة ماجدِ


الوحدة خير من مجاورة البشر:
ليت الكلابَ لنا كانت مجاورةً
وأنَّنا لا نرى ممَّا نرى أحدَا
إن الكلاب لتهدي في مواطنها
والخلقُ ليس بهادٍ شرُّهم أبدَا
فاهرب بنفسِك واستأنِس بوَحدتها
تبقى سعيدًا إذا ما كنتَ منفردَا


لا تيأس من رحمة الله تعالى:
إن كنتَ تغدو في الذنوب جليدًا
وتخاف في يوم المعاد وعيدَا
فلقد أتاك من المهيمنِ عَفوُهُ
وأفاضَ من نعمٍ عليك مَزيدَا
لا تَيْئَسَنْ من لُطفِ ربِّك في الحشا
في بطنِ أمِّك مُضغةً ووَليدَا
لو شاء أن تَصْلَى جهنَّمَ خالدًا
ما كان أَلْهَم قلبَك التوحيدَا


القناعة:
إذا أصبحتُ عندي قوت يومي
فخلِّ الهمَّ عنِّي يا سعيدُ
ولا تُخطِرْ همومَ غدٍ ببالي
فإنَّ غدًا له رزقٌ جديدُ
أسلِّمُ إن أرادَ الله أمرًا
فأترُكُ ما أُريد لما ما يُريدُ


الزُّهد في الدنيا:
يا من يُعانقُ دنيا لا بقاءَ لها
يُمسي ويُصبح في دنياهُ سفَّارَا
هلَّا تركتَ لذي الدُّنيا مُعانقةً
حتَّى تُعانقَ في الفردوس أبكارَا
إن كنتَ تبغي جنان الخلد تسكُنها
فينبغي لك ألَّا تأمن النَّارَا


الهمَّة العالية:
أنا إن عشتُ لستُ أعدمُ قوتَا
وإذا متُّ لستُ أعدم قبرَا
هِمَّتي همَّة الملوك ونفسي
نفسُ حرٍّ ترى المذلَّة كفرَا


حاذر تقلُّبات الأيام:
الدَّهرُ يومانِ: ذا أمنٌ وذا خطرٌ
والعيش عيشان: ذا صفوٌ وذا كدرُ
أما ترى البحرَ تَعلو فوقه جيفٌ
وتستقرُّ بأقصى قاعه الدررُ؟
وفي السماء نجوم لا عِداد لها
وليس يكسفُ إلَّا الشمس والقمر؟


فضل السكوت:
وجدتُ سكوتي متجرًا فلزِمتهُ
إذا لم أجد ربحًا فلستُ بخاسرِ
وما الصمتُ إلا في الرجال متاجرٌ
وتاجره يعلو على كلِّ تاجرِ


كيف يعصي الله من في قلبه حبه؟:
تعصي الإله وأنت تُظهرُ حبَّهُ
هذا مُحالٌ في القياس بديعُ
لو كان حُبُّك صادقًا لأطعتهُ
إنَّ المُحبَّ لمنْ يُحبُّ مُطيعُ
فِي كلِّ يومٍ يبْتديك بنعمةٍ
منهُ وأنت لشكر ذاك مُضيع


حبُّ العلم:
سهري لتنقيح العلومِ ألذُّ لي
من وصل غانيةٍ وطيبِ عناقِ
وصريرُ أقلامي على صفحاتها
أحلى من الدوكاء والعُشَّاقِ
وألذُّ من نقرِ فتاة لدفِّها
نقري لألقي الرَّمل عن أوراقي
وتمايلي طربًا لحلِّ عويصةٍ
في الدرس أَشهى من مُدامة ساقِ
وأبيتُ سهران الدُّجى وتبيته
نومًا وتبغي بعد ذلك لحاقي؟[2]


لا تحزن على تقلبات الدهر:
لا تَأْسَفَنَّ على غدر الزمان لطالَما
رقصَت على جُثَثِ الأسود كلابُ
لا تَحْسَبَنَّ برقْصها تَعلو على أسيادِها
تبقى الأسودُ أسودًا والكلابُ كلاب
تَموت الأسدُ في الغابات جوعًا
ولَحمُ الضأن تأكُله الكلابُ
وذو جهلٍ قد ينام على حريرٍ
وذو علمٌ مَفارشُه الترابُ[3]



[1] مقتطفات من كتاب: الجوهر النفيس في شعر الإمام محمد بن إدريس.

[2] هذه الأبيات قيل هي للشافعي، وقيل هي للزمخشري.

[3] هذه الأبيات قيل هي للإمام السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقيل هي للشافعي، رضي الله عنهم أجمعين.


"
شارك المقالة:
36 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook