عرّف البخاريّ الصحابيّ بأنّه مَن صَحِبَ النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو رآهُ مِن المُسلمِين فهو مِن أصحابه، وخُصّ الصحابة بهذا التعميم؛ لأنّ من التقى بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- من المؤمنين قد تشرّف بهذه الصُحبة، فالمرء إن التقى بالصالحين تشرّف بهم وانتفع، فكيف حال من التقى وصحب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- سيّد الأولين والآخرين، كان ذلك فضلٌ وشرفٌ لا يطاوله شيءٌ، فالصّحابة لهم فضلٌ عظيمٌ ذُكر شيءٌ منه في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ)، وكذلك فقد أثنى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على أصحابه، وذكّرهم بالخير، والثناء الحسن، فقال: (إنَّ اللهَ اختار أصحابي على العالَمِين سوى النبيينَ والمرسلينَ، واختار لي من أصحابي أربعةً يعني أبا بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليّاً، فجعلهم أصحابي، وقال في أصحابي: كلِّهم خيرٌ)، وبثناء الله -تعالى- ونبيه الكريم على أصحابه فقد ثبتت عدالتهم جميعهم، لا يُستثنى منهم أحداً، حيث لا أعدل ممّن زكّاه الله -تعالى- واختاره لرفقة نبيه في حياته، ودعوته.
كما أنّ الصحابة ذُكروا بالفضل والثناء الحسن وعلا شأنهم في صُحبتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد ذُكرت النساء الصحابيّات بالفضل والصفات الحسنة، فكُنّ قدوةً للمؤمنات كذلك، فمن الصّفات الجليلة التي اتّصفت بها الصحابيات:
كان من صفات الصحابيات كذلك الصبر والاحتساب العظيم عند نزول الشدائد، وفي ذلك يُضرب المثل بالصحابية الجليلة أمّ سُليم التي توفّي ابنها ليلة وصول زوجها من سفرٍ بعيدٍ، فلم تُخبر الزوجة زوجها عن حالها حين وصوله، بل فضّلت أن تتحمّل هي وحدها هذا الهمّ والبلاء؛ حتى لا تزيد من تعبه وقلقه حين وصوله، بل إنّها تزيّنت له، واستقبلته استقبالاً حسناً يليق بقدومه من بعيد، ثمّ انتظرت وقتاً مناسباً حتى بدأت بتهيئته لسماع الخبر، فقالت له: يا أبا طلحة أرأيت لو أنّ قوماً أعاروا قوماً عاريةً لهم، فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوها؟ قال: لا، قال: فإنّ الله -عزّ وجلّ- كان أعارك ابنك عاريةً، ثمّ قبضه إليه، فاحتسب واصبر، فكانت قد ذكّرت زوجها بالصبر والاحتساب، ونالت الفضل في ذلك.
موسوعة موضوع