من معوقات الدعوة: ضعف الوازع الديني

الكاتب: المدير -
من معوقات الدعوة: ضعف الوازع الديني
"من معوقات الدعوة
ضعف الوازع الديني




لا تنحصر معوّقات دعوة الطالبة في المرحلة الثانوية بالمعلمة الداعية فحسب؛ بل إن هناك معوّقات تتعلق بالطالبة المدعوة ذاتها، تحول بينها وبين القيام بحقوق الله تعالى وحقوق دينه، كما تحول بينها وبين الالتزام بأحكامه وتنتج في نفسها الإعراض والمخالفة لشرائعه، وهذه المعوّقات متنوعة متفاوتة في الإعاقة، منها ما يأتي:

ضعف الوازع الديني لدى الطالبة:

يعد الوازع الديني من أقوى معوّقات دعوة الطالبة في المرحلة الثانوية، فالطالبة ضعيفة الإيمان لا تبالي بما يُقدم لها من مواعظ وتذكير بالآخرة وما فيها من حساب وجزاء، بل ينصبّ فكرها، ويتركز همّها في الاستمتاع بملذات يومها تحت سيطرة هواها واتباعها لشهواتها التي تعصف بها يمنة ويسرة واستسلامها لها، مما يورثها الغفلة ويعطل حواسها عن سماع الحق وإبصار الفضيلة والاستجابة للدعوة، وربما لحقها الذم الذي جاء في قوله تعالى: ? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ? [الأعراف: 179] [1]، حيث ذمَّ تعالى (الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإيمان بالله وطاعته وذكره، خُلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار لتكون عونا لهم على القيام بأوامر الله وحقوقه؛ فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود)[2].

 

فيكون همّها الدنيا وما فيها، وتغفل عن الاستعداد للآخرة، قال تعالى: ? يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ? [الروم: 7] [3]، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: (أي أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأَكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حُذّاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها؛ وهم غافلون عما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة)[4].

 

وإن ضعف الوازع الديني عند الطالبة وغفلتها يجعلها تشك في قيمة الدين وقدرته على مواجهة الحياة وتحقيق السعادة فيها، بل ربما تسرب إلى قلبها أن الدين يضع قيودا على سلوكها، فلا ضرورة للتمسك به، كما أن تصوراتها الخاطئة عن الدعوة وضرورتها مما يجعلها تسيء الظن بالدعاة إلى الله، خاصة وهي ترى حولها الكثير من وسائل اللهو والترفيه فتنجرف نحوها، وتستجيب لإغرائها دون تريث ودون حدود، ودون سيطرة وضبط للنفس، الأمر الذي يجعل الطالبة تعبر عن دوافعها ورغباتها وشهواتها تعبيرا أنانيا مضادا لقيم المجتمع، كما يُفقدها وضوح الرؤية بالنسبة لمعايير الخير والشر، أو معايير الصواب والخطأ، فتفقد القدرة الكاملة على إدراك التبعات الخلقية والاجتماعية لأفعالها، وتقع أسيرة شهواتها ونزواتها[5]، وهذا لا يعني أن التدين الحق هو العزوف عن الدنيا، واستنفاد الوقت كله في العبادات، واعتزال المجتمع والهروب من المشاركة في الإصلاح والبناء، والرضا بالدونية في الحياة[6]، بل إن الاستقامة على الدين تعني عكس ذلك، فهو دين وسط يحقق للمسلمة خيري الدنيا والآخرة.




[1] سورة الأعراف: آية 179.

[2] تفسير الشيخ السعدي ص 272.

[3] سورة الروم: آية 7.

[4] تفسير ابن كثير 9 /311.

[5] من أسس التربية الإسلامية: د. عمر الشيباني ص 423.

[6] ينظر: تعليم الدين الإسلامي بين النظرية والتطبيق: د. حسن شحاتة ص 217.


"
شارك المقالة:
39 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook