[من مواضع إبدال الواو ياء]
إذا التقت"الواو والياء1 في كلمةٍ2، وسكن3 سابقهما4، ولم يكن عارضاً5، هو ولا سكونه6 أبدلت الواو ياء7، وأدغمت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في ب: "الياء والواو".
2 قال في المساعد 4/51: "وخرج بكلمة: الكلمتان نحو: "في يوسف "و "فُو يَزيد "فلا إبدال ولا إدغام".
3 قال ابن إيَّاز في شرح التعريف في ضروري التصريف ص 154: "إنَّما اشترط سكون الأولى ليصح الإدغام فإنَّ شرطه أن يكون الأول ساكناً".
4 في أ: "سابقها".
5 قال في المساعد 4/152: "فإن كانت الواو المذكورة بدلاً جائزاً لم يثبت باطراد ما ذكر من الإبدال...". وينظر شرح التعريف لابن إيَّاز ص 154، وشرح الشافية للرضي 3/139 وما بعدها.
6 قال ابن إيَّاز في شرح التصريف ص 154: "فإن عرض فيه السكون لم تقلب الواو ياءً، وذلك كأن تبنى من "طويت "ولا تقلب الواو ياءً مع الاجتماع المذكور؛ لأنَّ السكون عارض". وينظر: المساعد 4/151، وشفاء العليل 3/1097.
7 أورد ابن إيَّاز في شرحه للتعريف في ضروري التصريف للمصنّف على هذه المسألة سؤالين وأجاب عنهما، وفيما يلي نص كلامه في ص 150،152: "وهنا سؤالان:
الأول: أن يقال: لِمَ وجب وليسا بمثلين ؟.
والثاني: لم تعين قلب الواو ياءً ولم يكن الأمر بالعكس ؟
والجواب عن الأول: أنَّهما يجريان مجرى المثلين لوجوه:
منها: اجتماعهما في المد واللين. ومنها كونهما بياناً للأسماء المضمرة نحو: "بهي "و "لهو". ومنها: أنَّهما يحذفان في الفواصل والقوافي تخفيفاً عند الوقف كقوله:
... ... ... ... وبع ض القوم يخلق ثُمَّ لا يَفْرْ "
أصله يفري، فحذفت الياء..
وقوله:
... ...... ...... ... وقلت لِشُفَّاع المدينة أوجفْ
إحدى الياءين في الأخرى ك"سَيِّد".
و "طَيٍّ"1، أصلهما: "سَيْوِدٌ"2، و "طَوْىٌ"؛ لأنَّهما من "سَادَ يَسُودُ، وطَوَى يَطْوِي "ففعل بهما ما ذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ريد "أوجفوا" ومنها: أنَّ الياء إذا وقعت ساكنة وقبلها ضمة قلبت واواً، والواو إذا وقعت ساكنة وقبلها كسرة قلبت ياءً. ومنها: قلبهما ألفاً إذا تحركا وانفتح ما قبلهما، وليس ذلك مطلقاً، ويأتي تفصيله - إن شاء الله تعالى -.
ومنها: قلبهما همزة عند وقوعهما طرفا بعد ألف زائدة.
ومنها: اجتماعهما في الردف كقوله:
يا حَبَّذا قَرِينَتِي رَعُومُ وحَبَّذا مَنْطِقُها الرَّخيمُ
ومنها: إبدال الألف منهما ساكنين مثل: "ياجل" في "يوجل"، و "يَابس" في "يَيْبَس" وهو في الياء أكثر، نص على ذلك أبو الفتح في منصفه؛ لذلك نرجح قول الخليل في "ها هيت" على قول أبي عثمان.
والجواب عن الثاني من وجهين: أحدهما: قاله أبو علي - في التكملة - وهو أنَّ الياء من حروف الفم، والواو من حروف الشفة. والإدغام في حروف الفم أكثر منه في حروف الطرفين، ويؤكده إجازتهم إدغام الباء في الفاء كقولهم: "اذهب في ذلك "ولم يجيزوا إدغام الفاء في الباء، وما حكى عن الكسائي من إدْغام الفاء في الباء من قوله تعالى: {تخْسِف بِهِم} فقد استضعف وحمل على الإخفاء.
والثاني: أنَّ الياء أخف من الواو فكان القلب إليها لذلك. وينظر الكتاب 4/365. وانظر الجواب عن السؤال الثاني في شرح التصريف للثمانيني ص 456. وتنظر التكملة لأبي علي ص 616، والمنصف 2/69، 171، والتبصرة للصيمري 2/656.
(1)ينظر الكتاب 4/365، والبغداديات ص 87، وسر صناعة الإعراب ص 153، 58، 735، والمنصف 2/15، والمساعد 4/ 151.
(2)القول بأنَّ أصل "سَيِّد "سَيْود بتقديم الياء على الواو، وأنَّ وزنه فَيْعِل بكسر العين هو مذهب البصريين، وقال البغداديون: بأنَّه بفتح العين "فَيْعَل"، وذهب الكوفيون إلى أنَّ أصله سَوْيد على وزن "فَعْيل". ينظر الكتاب 4/365، وشرح الملوكي لابن يعيش ص 464، والإنصاف ص 795، وشرح الأشموني 4/263.
فإن استحِقَّ هذا الحكم وكان المدغمُ فيه لامَ الكلمة وقبل المدغم ضمةٌ وجب إبدالها كسرة1 كـ"مَرْمِيٍّ"، و"ثُدُويٌ"، و"بُغُويٌ"، و"أَمْنُويٌ"؛ لأنَّ الأول: اسم مفعول من فعل ثلاثي فتجب موازنته النظائر كـ"منسوب"، و "مكتوب".
والثاني: جمع "ثَدْي"2 فيجب كونه على فُعُول كـ "فُلُوس".
والثالث: "فَعُول"3؛ لأنَّه إذا كان فَعُولاً كان خلوه من هاء التأنيث باستحقاق، وإذا كان فَعِيلاً يكون خلوه من هاء التأنيث شذوذاً، ولا يصار إلى الشذوذ مع إمكان العدول عنه.
والرابع: "أفْعُولَة "من4 "التمني"؛ لأنَّه لو لم يكن أفْعُولَة لكان أَفْعِيلَة، وهو وزنٌ مرفوض.
ويمنع من هذا الإعلال كون السابق من الياء والواو عارض السكون نحو قولك في "قَوِيَّ": "قَوْيَ" بالتخفيف، كما يقال في "عَلِمَ": عَلْمَ /"12-ب) فإنَّ الحركة منويّةٌ، فلا يصح الإدغام كما لا ترجع الياء إلى أصلها فيه، وفي "شَقْي" بسكون القاف.
ويمنع من الإعلال المذكور أيضاً كون السابق "من الواو والياء"5
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر المساعد 4/137
2 الثدي يجمع على: أثدٍ وثُديٍ. القاموس "ثدى".وينظر الكتاب 4/384.
3 في القاموس "بغية": و "بغت الأمَةُ تَبْغِي بَغْياً وبَاغَت مُبَاغَاةً وبِغَاءً، فهي بَغِيٌّ وبَغُوٌّ، عهرت. والبَغِيُّ الأمة أو الحرة الفاجرة".
وينظر اللسان "بغا".
4 في اللسان "منى": "والأُمْنِيَّةُ أُفْعُولَة، وجمعها أماني".
5 في ب: "من الياء والواو".
عارضاً بانقلابه من غيره كانقلاب الواو في "بُويِع"1 من ألف "بايع" فلم يقل فيه "بُيِّعَ" لذلك، ولئلا يلتبس باب المفاعلة بباب التفعيل.
وكذلك الياء في(ديوان) هي منقلبة من وَاوٍ2 بدلالة قولهم في الجمع:"دَوَاوِين" فلم يُعَلَّ "ديوان "بالإعلال المذكور؛ لأنَّ اجتماع الياء والواو فيه عارض؛ ولأنَّ إعلاله بما ذكر يُصَيِّرُهُ "دِيَّاناً" وهو مثل "دِوَّان" الذي فُرَّ منه3، وسبب الفرار منه خوف التباس الاسم بالمصدر، فإنَّ فِعَّالاً مصدر فَعَّل كَكِذَّاب. فإذا جاء اسم على وزنه أبدلوا الياء الضعف الأول كما قالوا:"قَيِرَاط4، ودِينَار"5.
فإن كان فيه تاء التأنيث أَمِنُوا اللبس فتركوه على حاله نحو:"صِنَّارَةٌ"6.
ولأجل عروض الاجتماع تصح الواو المبدلة من همزة "تؤي "ونحوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مبني للمفعول.
2 قال في سر صناعة الإعراب 2/735: "ونظير "اجْلِيوَاذ "قولهم:"دِيْوَان"؛ لأنَّ أصله: دِوَّان، ومثاله فِعَّال. والنون فيه لام لقولهم: "دَوَّنْتُه "و "دواوين "و "دُوَيْوِين". وينظر: المنصف 2/31-33.
3 ينظر هذا التعليل في المرجعين السابقين.
4 قال في اللسان "قَرط": القرَّاط والقيراط من الوزن معروف، وهو نصف دانق. وأصله قِرَّاط بالتشديد؛ لأنَّ جمعه: قراريط، فأبدل من إحدى حرفي تضعيفه ياء على ما ذكر في "دينار". وينظر: المنصف 2/32.
5 في اللسان "دنر": الدينار فارسي معرَّب، وأصله دِنَّار بالتشديد بدليل قولهم دنانير ودُنينير، فقلبت إحدى النونين ياء لئلا يلتبس بالمصادر التي تجيء على فِعَّال.. وينظر: المنصف 2/32.
6 في تهذيب اللغة باب الصاد والراء "صنر" 12/159: "وقال الليث: الصِنَّارة: مِغْزَل المرأة وهو دخيل. وقال غيره: صِنَّارَة المغزَل هي الحديدة المعقَّفَةُ في رأسه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصِّنَارى السيء الخُلُق، والصنور البخيل السيء الخُلُق".
على أنَّ الفرَّاء1 قد حكى: "رُيَّة "في "رُؤْيَة"2.
وسمع الكسائي3: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّيَّا تَعْبُرُونَ}4 وهذا من الاعتداد بالعارض فلا يقاس عليه.
فإن كان السابق مبدلاً بدلاً لازماً في اسم لا يناسب الفعل فحكمه حكم الأصلي كمثال "إنْفَحَة"5 من "أوب"6 أصله: إِئْوَبَة، ثُمَّ:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدَّمت ترجمته ص 24
2 جاء في معاني القرآن للفراء 2/35: "وإذا كانت الهمزة من "الرُؤْيَا" قالوا: الرُّويا، طلباً للهمزة، وإذا كان من شأنهم تحويل الهمزة قالوا: لا تقصص رُيَّاك في الكلام. فأمَّا في القرآن فلا يجوز لمخالفته الكتاب، أنشدني أبو الجراح:
لعرض من الأعراض يُمسي حَمَامُه ويُضحي على أفنانه الغين يهتف
أحبُّ إلى قلبي من الدِّيك رُيَّةً وباب إذا ما مال للغلق يَصْرِف
أراد: رُؤية، فلمَّا ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة كما يقال: لويته لَيّاً، وكويته كيّاً، والأصل: كوياً، ولوياً، وإن أشرت إلى الضمة قلت: رُيَّا فرفعت الراء فجائز".
3 أبو الحسن علي بن حمزة المعروف بالكسائي، شيخ أئمة النحو، الكوفي، وأحد القراء السبعة، أخذ عن الخليل ويونس بن حبيب، وغيرهما. وأخذ عنه الفراء وخلف وغيرهما، له عِدَّة مؤلفات، توفي سنة 282. وقيل 289 ه. تنظر ترجمته في كل من: مراتب النحويين ص 120، وطبقات الزبيدي ص 127، ونزهة الألباء ص 67، ومعرفة القراء الكبار 1/120، ومعجم المؤلفين 7/84.
4 الآية 43 من سورة يوسف. جاء في معاني القرآن للفراء 2/36: "وزعم الكسائي أنَّه سمع أعرابياً يقول: {إنْ كُنْتُم للرُّيَّا تَعْبُرُون}.
وفي مختصر الشواذ لابن خالويه ص 62: "عن أبي عمرو: {قَدْ صَدَّقت الرِّيَّا}.. وسمع الكسائي: رُيَّاك، ورِيَّاك". وينظر الكشاف 2/303، والدر المصون 6/438، والمساعد 4/153، وابن الناظم ص 855
5 الإنْفَحَةُ: بكسر الهمزة وفتح الفاء والحاء: "شيءٌ أصفر يُسْتَخْرَج من بطن الجدي يوضع في اللبن ليروب ويغلظ ويجبن". ينظر: تهذيب اللغة"نفح) 5/112، واللسان "نفح).
6 الأوب: الناحية، والرجوع. ينظر: الصحاح "أوب".
إيْوَبَة، ثُمَّ: إيَّبَة، "ولا تفعل"1 ذلك بمثل "احْمَرَّ"2 منه وأصله: إئَوبُّ ثُمَّ تبدل الهمزة الساكنة ياء؛ لسكونها بعد مكسورة فيقال: إيْوَبُّ، ولا يعمل به ما عمل إيْوَبَةٍ، حين قيل فيه: إيَّبَةٍ؛ لأنَّه اسم جامد لا يلزم نقله إلى صيغة تصحُّ فيه الهمزة، بخلاف مثال "احْمَرَّ "فإنَّه لا يستغنى فيه عن المضارع واسم الفاعل فيقال: يَأْوَبُّ فهو مُؤْوَبٌّ، فكان التقاء الياء والواو في "أيْوَبَّ "شبيهاً بالتقائهما في "إيْوَاء3، وبُويِع"4 فلم يختلفا في الحكم.
فأمَّا لو كان التقاء الواو والياء في كلمتين فلابدَّ من التصحيح؛ لأنَّ التقاءهما حينئذٍ عارض، نحو: "لَوْ يَمَّمْت"و "لَدَيْ واصل"5.
ومن العرب من يحمل التصغير على التكسير فَيَقُول: جُدَيْولِ في تصغير جَدْول6 واللغة الجيدة جُدَيِّل7، وكذلك ما أشبهه مما صحت
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في أ: "فلا تفعل".
2 في ب: "حمَّر".
3 قال الجوهري في الصحاح "أوى": "وآويته أنا إيوَاءً، وأَوَيته أيضاً إذا أنزلته بك".
4 مبني للمفعول، وهو من المبايعة.
5 ينظر المساعد 4/151.
6 الجدول: النهر الصغير. المنصف 3/6.
7 ينظر سر صناعة الإعراب 2/582،584، والمساعد 4/495، والارتشاف 1/355 ولم أجد في هذه المراجع نسبة التصحيح أو الإعلال إلى قبيلة مخصصة. كما أنَّ عبارة المصنف في التسهيل لا تدل على أن "جُدَيِّل "أجود من "جديول". ينظر: التسهيل ص 284، والمساعد الصفحة السابقة.
الواو في جمعه على مثال مفاعل(1).
و "أمَّا ضَيْون(2)، ويَوْمٌ أَيْوَمٌ"(3)، ونحوهما فيحفظ على شذوذه(4)، ولا يقاس عليه ولا يغير عن حاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ينظر المساعد 4/498
(2)الضيون: السنور الذكر، ويقال له: القط، والهر، والخيطل.
ينظر: المنصف 3/34، والقاموس "ضون".
(3) يقال: يَوْمٌ أيْوَمٌ ويَوِمٌ و وَوِمُ. وهو آخر يوم في الشهر أو الشديد. قال في اللسان:"والجمعُ أيَّام"لا يكسَّر إلاَّ على ذلك.
(4) قال الأعلم في النكت في تفسير كتاب سيبويه 2/239: "هذا باب ما شذ من المعتل على الأصل، وذلك نحو: ضَيْوَن.. أمَّا ضيون فكان حقه أن يقال فيه: ضَيّن بالقلب والإدغام ولكنَّه شذ عن النظائر. ويجوز أن تكون العرب قالت: ضَيون؛ لأنَّه لا يعرف له اشتقاق ولا فعل يتصرف، فلو قالوا: ضَيِّن لم يعرف أهو من الياء أم الواو". وينظر: الكتاب 4/369، 430، والمقتضب 1/171.
وقال المصنِّف في التسهيل: "ونحو: عَوْيَة وضَيْوَن و عَوَّة ورُيَّة شاذ". قال في المساعد 4/152-153: "ووجه كونها شاذة مخالفتها لما سبق تقريره وقعت هذه المخالفة على ثلاثة أوجه: أحدها: التصحيح، نحو: عوى الكلب عَوْيَةً، والقياس عَيَّةً. وكذا قولهم للسنور: ضَيْوَن، والقياس ضَيِّن؛ ونحوهما قوله: يَوْمٌ أيْوَمٌ، والقياس: ايِّمٌ..".