ذكرت كتب التاريخ أنّ الحارث بن أبي هالة هو أول رجلٍ يستشهد في سبيل الله، وهو أخو هند بن أبي هالة ربيب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان استشهاده حينما أمر الله -تعالى- نبيه الكريم بأن يصدع بأمر الدعوة الإسلامية، حيث قام -عليه الصلاة والسلام- في بيت الله الحرام فدعا قريشاً إلى كلمة التوحيد حتى يُفلحوا، فاجتمع كفار قريش حوله لإيذائه، فأتى الصريخ أهل بيت النبي، فهبّ الحارث بن أبي هالة لنجدته، فضربهم وقاتلهم حتى استُشهد تحت الركن اليماني في المسجد الحرام، وبعد استشهاده جمع النبي الصحابة -رضي الله عنهم- وكانوا حينئذٍ أربعين رجلاً، وأوصاهم أول وصيةٍ في الإسلام.
أول من استُشهد في سبيل الله من النساء هي الصحابية الجليلة سمية بنت الخياط، زوجة ياسر وأمّ الصحابي عمّار بن ياسر، وقد آمن آل ياسر بالدعوة الإسلامية مبكّراً، حيث كانت سمية سابع سبعةٍ سبقوا إلى الإسلام، وقد نقم بنو مخزوم على آل ياسر بسبب إسلامهم، فكانوا يعذبونهم ويسومونهم سوء العذاب حتى يعودوا عن دينهم، فكانوا يخرجون بسمية وزوجها وابنها إلى رمضاء مكة فيعذبونهم عذاباً شديداً، وبقيت سميةٌ صامدةً أمام تهديد وإيذاء أبي جهلٍ حيث رفضت الكفر بعد الإيمان، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يمرّ بآل ياسر وهم يُعذّبون؛ فيقول لهم: (صبراً آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ)، وحينما رأى أبو جهلٍ صمود سمية ضربها بحربةٍ في قُبُلها حتى استشهدت -رضي الله عنها-.
ممّا لا شك فيه أنّ فضل الشهادة في سبيل الله كبيرٌ وأجرها عظيمٌ؛ فهي اصطفاءٌ من الله -تعالى- لخيرة عباده ليكونوا مع الأنبياء في الجنة، والشهداء ليسوا بالأموات، بل هم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون، وقد ذكر الله ما أعدّه للشهداء عند أول قطرة دمٍ تراق منهم؛ حيث يغفر الله لهم ذنوبهم، ويأمنهم من الفزع الأكبر، ويُجيرهم من عذاب القبر، ويُوضع على رأس أحدهم تاج الوقار، ويشفع في سبعين من أهله.
موسوعة موضوع