من هو أول من جهر بالقرآن الكريم

الكاتب: مروى قويدر -
من هو أول من جهر بالقرآن الكريم

من هو أول من جهر بالقرآن الكريم.

 

 

صحابة رسول الله

 

كانوا صحابة رسول الله -رضي الله عنهم- يتسابقون في نيل رضا الله تعالى، ورضا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فكانوا لا يدّخرون جهداً ليعلو شأن دينهم وقرآنهم، ويتنافسون لإدراك معالي الأمور ولو ترتّب على هذا أذى شخصيّ أو بدنيّ عليهم، ولأنّهم الأوائل في استقبال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ودعوته، فقد نال بعضهم بركة السْبق في الأعمال الصّالحة، فمنهم أوّل من أسلم، ومنهم أوّل من جهر بالقرآن الكريم، ومنهم أوّل من سلّ سيفاً في الإسلام وفي سبيل الدّعوة، ومنهم أوّل من استشهد في الإسلام، وغيرها من الألقاب العظيمة التي علا شأن صاحبها في الدنيا ورضي عنه الله تعالى، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم.

 

أوّل من جهر بالقرآن الكريم..

 

لقد نال فضل الجهر بالقرآن الكريم صحابي جليل وقد استعدّ عندما كان المسلمون قلّة مستضعفون، وهو الصحابيّ عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، ويُكنّى بأبي عبد الرحمن، وهو من السّابقين إلى الإسلام، ومن فقهاء الأمّة، وهاجر الهجرتين، وروى قراءته أبو عبد الحمن السلميّ، وعبيد بن نضيلة وغيرهما، وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- رجلاً لطيفاً، وذكيّاً، وفطِناً.

لقد كان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- من أقرب النّاس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان يناوله حاجته، ويوقظه إذا نام، ويسّتره إذا اغتسل، ويدني إليه حاجته، ويُعينه في شأنه، فقال عبد الرحمن بن زيد: (أتينا حذيفةَ فقلنا حدِّثْنا بأقربِ الناسِ من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ- هدياً ودَلّاً نلقاهُ فنأخذُ عنه ونسمعُ منه، قال: كان أقربَ الناسِ هدياً ودَلّاً وسمتاً برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ- ابنُ مسعودٍ، لقد علم المحفوظونَ من أصحابِ محمدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ- أنَّ ابنَ أمِّ عبدٍ من أقربِهم إلى اللهِ زُلْفَى).

 

جَهْر عبد الله بن مسعود بالقرآن

 

كان الصّحابة -رضي الله عنهم- مستضعفين في بداية الدّعوة الإسلاميّة، وكانوا يخشون بطش قريش وعذابهم لِمن يتبع محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقد كانوا يوماً جالسين بقرب الكعبة، فذكروا فيما بينهم أنّ قريشاً ما سمعت بالقرآن يُجهر به قطّ، وأنّه ما مِن أحدٍ تحدّاهم بذلك، فتاقت نفس عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن يكون هو أوّل من يجهر بالقرآن الكريم متحدّياً إيّاهم بذلك، ومُعلناً أنّه على دين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فحاول الصّحابة -رضي الله عنهم- أن يثنوه عن ذلك؛ خشيةً عليه من بطشهم، لكنّه أصرّ على الجهر بالقرآن الكريم، وفي اليو التالي في وقت الضّحى؛ خرج ابن مسعود -رضي الله عنه- وبدأ بالتلّاوة جهراً وعلانيّة قول الله تعالى: (الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ)، فبدأ بسورة الرّحمن ثمّ أكمل منها ما تيسّر، فبدأ رجال قريش يتسائلون (ماذا يقرأ ابن مسعود؟)، فيجيب أحدهم: (إنّه يقرأ بعض ما نزل على محمّد من القرآن)، فبدأوا يضربونه في وجهه وقد أثّر ذلك فيه، ثمّ انصرفوا، فجاء عبد الله بن مسعود إلى بعض أصحابه رضي الله عنهم، فقالوا له: (والله لقد خشينا عليك من هذا)، فقال: (لا عليكم والله إنّي لا أخشاهم أبداً، وإنّ في نفسي رغبةً إذا جاء الغد أن أصنع ما صنعت اليوم)، فنهوه عن ذلك، وقالوا: (قد أسمَعْتهم ما يكرهون).

 

مكانة عبد الله بن مسعود

 

كان مقام عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- رفيعاً عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد ذكره وامتدحه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في أكثر من مرّة، وفيما يأتي بعض هذه المواقف:

  • أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذات مرّة بشيء من ثمار شجرة، فبادر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إلى ذلك، فتسلّق الشّجرة ليأتي بشيءٍ منها إلى الرّسول، فتكشّفت ساقيه وضحك الصّحابة -رضي الله عنهم- من رفعهما، فلم يُعجب ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: (ما تَضحكون،لَرِجْلُ عبدِ اللهِ أثقلُ في الميزانِ يومَ القيامةِ مِنْ أُحُدٍ).
  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلاَلٌ).
  • طلب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه القرآن؛ حيث جاء: (قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- لعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: اقرأ عليَّ، قال : أقرأُ عليك وعليك أُنْزِلَ، قال: إنّي أحبُّ أن أسمعَه من غيري، قال: فقرأ عليهِ من أولِ سورةِ النّساءِ...).
  • أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صحابته -رضي الله عنهم- بقراءة عبد الله بن مسعود، فقال: (استَقْرِئُوا القرآنَ مِن أربعةٍ: مِن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ -فبَدَأَ به- وسالمَ مولى أبي حذيفةَ، وأُبَيِّ بنِ كعبٍ، ومعاذِ بنِ جبلٍ).

 

أقوال الصّحابة في عبد الله بن مسعود

 

أحبَّ الصّحابة الكرام -رضي الله عنهم- عبد الله بن مسعود لرفيع خُلقه، وعَظَمة أفعاله وذكائه، وورد عنهم عدّة أقوال عنه، منها ما يأتي:

  • كان الصحابيّ الجليل عبد الله بن مسعود رفيق النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وملازماً له لوقتٍ طويلٍ، فأينما رأى الصّحابة رسول الله رأوا معه ابن مسعود، وفي ذلك قال أبو موسى الأشعريّ رضي الله عنه: (قَدِمْتُ أنا وأخي من اليمنِ، فمَكَثْنا حيناً، ما نَرَى ابنَ مسعودٍ وأمَّه إلّا من أهلِ البيتِ، ومن كثرةِ دُخولِهم ولُزومِهم له).
  • قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن عبد الله بن مسعود: (مُلِئ فِقْهاً).
  • سُئل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن رجلٍ قريب السّمْت والهَدْي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (ما أَعْرِفُ أحداً أقربَ سَمْتاً وهَدْياً ودَلّاً بالنبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- مِن ابنِ أمِّ عبدٍ).
  • قال أبو الدرّداء -رضي الله عنه- عندما سَمِع بخبر وفاة عبد الله بن مسعود: (ما ترك بعده مثله).

 

وفاة عبد الله بن مسعود

 

توفّي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في سنة 32هـ بالمدينة المنوّرة، ودُفن في البقيع، وصلّى عليه عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وكان عمره يوم توفّي بضعاً وستين سنة.

شارك المقالة:
111 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook