ابنُ برّي هو الشيخُ، والعلّامةُ عليّ بنُ محمدٍ بنُ عليّ بنُ محمدٍ بنُ الحسين الرباطيّ، يُكنَّى بأبي الحسن، ويُلقَّب بابن برّي، وُلِد في بلدة تازة الواقعةِ في المغربِ الأقصى، وذلك في حوالي العامِ ستّمئةٍ وستّين للهجرة. تخصَّص ابن برّي في علومٍ مُختلِفة، منها: علمُ القراءاتِ، واللغةِ، والفقهِ، والحديثِ، والتفسيرِ، والفرائضِ، والعروضِ، والنحو، وكرّسَ حياتَه لطلبِ العلمِ، والانتفاعِ به إلى أن تُوفِّي -رحمه الله- في العامِ سبعمئةٍ وواحدٍ وثلاثين للهجرة، ويُرجَّح بأنّه دُفِن في البلدة التي وُلِد فيها (تازة)، ويُقال إنّه دُفِن في مدينةِ فاس.
بدأَ ابنُ برّي بطلبِ العِلم في البلدةِ التي وُلِد فيها، وتتلمذَ على يدِ والدِه، وأبدى اهتماماً بعلومِ اللغة؛ فدرسَ علومَ القرآنِ الكريمِ، والنحوِ، والفقهِ، والأدبِ، والحديثِ، وأتقنَ هذه العلومَ على يدِ كبارِ شيوخِ عصرِه، أمثال: الشيخ مالك بن عبدالرحمن بن عليّ، والشيخِ أحمد بن إبراهيم بن الزبير، والشيخ علي بن سليمانَ القُرطبيّ، ثمّ توجَّه لتدريسِ أهلِ العلمِ، والأدبِ، أمثال: القاضي الترجالي، والعالمِ عمرو بنِ أحمد الفشتالي، وابنِ العشّاب التازي، كما أنّه عمِلَ في ديوانِ السُّلطانِ أبي سعيد المرينيّ، وأصبحَ مُعلِّماً، وكاتباً لابنِه، وظلَّ في ديوانِ السُّلطانِ إلى أن وافته المنيةُ.
كانَ ابنُ برّي مثالاً للعالمِ المُتَّسِع في علمِه؛ حيثُ تعدَّدت مواهبُه، وأتقنَ علومَ القرآنِ الكريم، وبرعَ في جوانبَ مختلفةٍ من العلومِ، والفنونِ، كما كانَ حسنَ الخطّ، ويملكُ أسلوباً بسيطاً، وسَلِساً في الشرح، والتدريسِ، وكانَ وجيهاً جليلاً فاضلاً بشهادةِ أهلِ العلمِ.
وضعَ ابنُ برّي قبلَ وفاتِه العديدَ من المُؤلَّفات التي تتضمنُ فنوناً، وعلوماً مُختلِفة، وفيما يلي ذِكرٌ لأهمِّها:
في القرآنِ وعلومِه، ومنها: أرجوزةُ الدُّرَر اللوامع في أصلِ مقرأ الإمامِ نافع، وكتابُ الطرَر على الدُّرَر، وكتابُ القانون في رواية ورش وقالون. في الفقه، ومنها: شرحٌ على التهذيب في اختصار المُدوَّنة، وتأليف مُختصَر في الوثائق، وشَرحٌ لقصيدةِ الفرائضِ، وغيرها. في الأدب، ومنها: كتابُ اقتطاف الزهر واجتناء الثمر، ومُختصَرُ شرح الونشريسي على مقاماتِ الحريري، والكافي في العروض والقوافي، وغيرها.