وُلِد المُجوِّد، والحافظ، والعلّامة الكبير عليّ بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله بن الحسين، والذي يُكنّى بأبي القاسم، ويُلقِّبه الكثيرون بابن عساكر الدمشقيّ، والشافعيّ، ومُحدِّث الشام في دمشق عام 499 هجريّة (1106م)، حيث انطلقَ خلال حياته في العديد من الرحلات؛ في سبيل طلب العلم، والاستماع إلى كبار الشيوخ، والعُلماء، كما كان زاهداً عابداً لربّه، يختم كتاب الله في كلّ جمعة، آمراً بالمعروف، وناهياً عن المُنكر، لا تستهويه المناصب، وقد كرّس حياته لوَضع المُصنَّفات، والمُؤلَّفات إلى أن تُوفِّي -رحمه الله- في عام 571 هجريّة (1176م).
نشأ ابن عساكر، وترعرع في عائلة فقيهة نابغة مُحِبّة للعِلم؛ فدرس عند أبيه، وسَمِعَ من أخيه صائن الدين، وجالسَ كبار عُلماء، وشيوخ دمشق، أمثال: أبي القاسم النسيب، وأبي طاهر الحنّائي، وأبي طالب الزينبيّ، وعبدالعزيز الكتاني، وتفقَّه على يد الفقيه أبي الحسن بن عليّ السلميّ، حيث أخذ ابن عساكر عن هؤلاء الشيوخ، وغيرهم قِسطاً مُهمّاً من العِلم، والمعرفة.
وأراد ابن عساكر أن يستزيد من العلم، فارتحل إلى بغداد في عام 520 هجريّة، وسمع من شيوخها، وعُلمائها، ثمّ رحل إلى مكّة، ومنى، والمدينة المُنوَّرة، ثمّ عاد من جديد إلى بغداد، وأقام فيها خمس سنوات، ومنها رجع إلى دمشق. وفي عام 529م، ارتحل ابن عساكر نحو بلاد العَجَم في الشرق، وتنقَّل بين دُوَلها، ومُدُنها، وأخذ العلم عن شيوخها، وعُلمائها، علماً بأنّ رحلته هذه دامَت نحو 4 سنوات، ليعود بعدها إلى بغداد، ثمّ دمشق التي استقرَّ فيها، وكرَّس بقيّة حياته للتصنيف، والجَمع، والتأليف، والرواية.
وضع ابن عساكر قَبل وفاته عدداً كبيراً من المُصنَّفات، والمُؤلَّفات، وفيما يلي ذِكر لأهمّها: