ابن فارس هو العلّامة، والشيخ الجليل أحمد بن فارس بن زكريّا بن محمد بن حبيب الرازيّ اللغويّ، يُكنَّى بأبي الحسين، ويُلقَّب بابن فارس. يُقال بأنّه وُلِد في قرية كرسف جياناباذ، إحدى قُرى الزهراء الواقعة في قزوين، وكان ذلك في عام 329 هجريّة. وَضَع عدداً كبيراً من المُؤلَّفات، وضمَّنها العديد من الفنون المُتنوِّعة، وكرَّس حياته في الترحال، وطَلَب العِلم، والتعليم إلى أن تُوفِّي في مدينة الريّ في شهر صفر من عام 395 هجريّة.
أمضى ابن فارس مُعظم حياته في الترحال؛ في سبيل طلب العلم، والانتفاع به، إذ أقامَ في همذان مدّة طويلة، ومنها تنقَّل بين بغداد، ومكّة المُكرَّمة،
ومدينة الريّ التي رحل إليها بدعوة؛ لتعليم مجد الدولة أبي طالب بن فخر الدولة، حيث التقى فيها الوزير الصاحب بن عبّاد.
وتتلمذ ابن فارس خلال ترحاله على يد كبار شيوخ، وعلماء عَصره، أمثال: والده فارس بن زكريّا، وأبي بكر الخطيب، وأبي الحسن القطّان، وأبي عبدالله الأذربيجانيّ، وابن العميد، وأبي سعيد السيرافيّ، وغيرهم. ويُذكَر أنّ هناك من تتلمذَ على يديه من طُلّاب العِلم، ومنهم: بديع الزمان الهمذانيّ، وعلي بن القاسم المقرّي.
امتلك ابن فارس مُقوِّمات العالِم القدوة، والحَقّ كلِّها؛ فقد كان فَطِناً، وعبقريّاً، وشديد الذكاء، يُبرهنُ دائماً صحّة كلامه، ووجهة نظره خلال مناقشته للمسائل الجدليّة، والمُناظَرة فيها، كما كان كريماً، سَخيّاً، خلوقاً، مُؤمناً بالله -تعالى-، وعابداً له، يتَّصِف بالوقار، والكَرَم، والتواضُع، ومَرِحاً يُحبُّ روح الدُّعابة.
وضع ابن فارس قبل وفاته العديد من المُؤلَّفات، وفيما يلي ذِكر لأهمّها: