جعل الله -تعالى- الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة، التي لا يكون الإنسان مؤمناً إلّا بها، فإذا أنكر أحدها لم يكن مؤمناً، وهذه الأركان هي: الإيمان بالله، والملائكة، والرسل، والكتب السماوية، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والملائكة من أمور الغيب التي لا يستطيع الإنسان معرفة شيءٍ عنها، إلّا بالأخبار التي يُعلمه بها الله -تعالى- من خلال وحيه ورسوله عليه السلام، وقد ورد في شأنهم الكثير من الأمور في القرآن الكريم والسنة النبوية، من ذلك أنّهم مخلوقون من نورٍ، وهم سابقون في خلقهم خلق الإنسان، حيث إنّ الله -عزّ وجلّ- ذكر في القرآن الكريم إخباره إيّاهم عن إرادته خلق الإنسان، حيث قال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وقد بيّن القرآن الكريم عِظَم خلقهم في مواضعٍ كثيرةٍ، فهم غلاظ شداد عظيموا الخلق، وأعظمهم خلقاً على الإطلاق جبريل عليه السلام، وورد كذلك في القرآن أنّ الله خلق لهم أجنحةً متفاوتة العدد، وورد كذلك وصفهم بالجمال، فهم حِسان في الخَلق.
وممّا ورد عن الملائكة أيضاً أنّهم متفاوتون في خلقهم وفي فضلهم، وأفضلهم الملائكة الذين شهدوا معركة بدرٍ، فقد ورد في الحديث الشريف أنّ جبريل -عليه السلام- سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما تعُدُّون أهلَ بدرٍ فيكم؟ قال: من أفضلِ المسلمين، أو كلمةً نحوَها، قال: وكذلك من شَهِد بدراً من الملائكةِ)، والملائكة لا يأكلون ولا يشربون، ولا يملون ولا يتعبون من عبادة الله سبحانه، والقيام بأوامره، ولا يعلم عددهم إلّا الله عزّ وجلّ، إلّا أنّهم كُثرٌ جداً، كما يتّضح من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد ورد في نصوص الشريعة الإسلامية عددٌ من أسماء الملائكة، وهؤلاء يجب الإيمان بهم على وجه التحديد، منهم: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ومالك، ومنكر، ونكير، وغيرهم، وقد خصّهم الله -عزّ وجلّ- بقدراتٍ خارقةٍ عظيمةٍ؛ كإمكان التشكّل بغير أشكالهم الحقيقية، وسرعتهم الفائقة.
ورد في نصوص الشريعة الإسلامية الإخبار عن عددٍ من الملائكة بأسمائهم ووظائفهم الخاصّة بهم التي أمرهم بها الله تعالى، ومن هؤلاء الملائكة: منكر ونكير، وهما ملكان يأتيان العبد بعد موته ومفارقته للدنيا، فيسألانه وهو في قبره عن ربّه سبحانه، وعن الدين الذي اتبعه، وعن الرسول الذي آمن به، وقد سمّي كلاً من منكر ونكير بهذين الاسمين؛ لنكارة الميت الموجّه له السؤال لهما، فهو لا يعرفهما من قبل، بل لم يسبق له رؤية شيءٍ من شكلهما سابقاً، وذلك قول المناوي والمباركفوري رحمهما الله، ويظهر من قول المناوي أنّ منكر ونكير يأتيان للمسلم والكافر على ذات الهيئة، ولا مانع من أن يكون كلٌّ منهما يسألان كلّ الأموات، فملك الموت مثلاً هو نفسه من يقبض روح كلّ ميتٍ، علماً أنّه لم يرد في ذلك نصٌّ صريحٌ.
وقد ورد في صفات منكر ونكير أنّهما ملكان أسودان أزرقان، وذلك في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ذكرهما باسميهما فيه، فقال: (إذا قُبِرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلكَانِ أسودَانِ أَزْرَقَانِ يقالُ لأَحَدِهما المُنْكَرُ، ولِلآخَرِ النَّكِيرُ، فَيَقُولانِ: ما كُنْتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: ما كان يقولُ هو: عبدُ اللهِ ورسولُهُ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، فَيَقُولانِ: قد كُنَّا نَعْلَمُ أنَّكَ تقولُ، ثُمَّ يُفْسَحُ لهُ في قبرِهِ سبعونَ ذِرَاعاً في سبعينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لهُ فيهِ).
جعل الله للملائكة وظائف معينةً يقومون بها، ومنهم من خصّه الله -عزّ وجلّ- بوظائف خاصّةٍ لا يقوم بها غيره، وفيما يأتي بيان بعض وظائفهم:
موسوعة موضوع