ترتبط المذابح وموائد القرابين الحجرية بالطقوس الدينية السائدة آنذاك، فقد كان بعض منها يستخدم لإراقة القرابين اللازمة للمعبودات التي تقدم من أتباع المعبود تقربًا ووفاءً للنذور، أو تُقَدَّم في المقابر لأرواح الموتى. وتنتشر ظاهرة استخدام موائد القرابين في جميع مناطق الشرق القديم؛ فقد عُثِرَ على مجاميع متنوعة منها في جنوب الجزيرة العربية   وشرقها، وبلاد الرافدين ومصر وبلاد الشام  .  أما في العلا القديمة فقد عثر على عدد من المجامر الحجرية، بعضها بسيط ويأخذ شكل إناء مربع الشكل، وبعضها الآخر كبير الحجم نحت على هيئة أعمدة دائرية مزخرفة بأشكال حيوانية، ويعلوها حوض المجمرة  ،  وفي بعضها يحمل حوض المجمرة نقوشًا تذكر اسم صاحبها واسم المعبود متلقي المجمرة وسبب تقديمها له  .  وكشف عن مجموعة من المذابح الحجرية في أمكنة أثرية متفرقة، بعضها محفوظ إلى اليوم في متحف العلا والمتحف الوطني بالرياض، وبعضها الآخر أعاد أهالي العلا استخدامه لبناء منازلهم الطينية في حي الديرة، وعلى ما يبدو أنهم جلبوها من موقع دادان (الخريبة)، مثلها مثل كثير من القطع الحجرية التي نـزعت من مواقعها الأصلية لبناء البيوت الطينية الحديثة في العلا  

 

وعُثِرَ في حي الديرة وسط العلا على عدد من المذابح الحجرية التي استخدمها الأهالي: إما أحجارًا لبناء جدران البيوت، وإما زخرفة معمارية لتزيين مداخل الأبواب الخارجية  ،  ويتشكل كل مذبح على هيئة مستطيل يخرج منه امتداد مستقيم من وسط أحد ضلعيه الطويلين، في حين فرّغ وسط المستطيل ليكون أشبه بالحوض غير العميق، وشقت قناة وسط الامتداد المستقيم لإخراج ما زاد من سوائل الإراقة التي كانت تسكب على المذبح لتكريسها للمعبودات (Libation's Water). ويحمل بعضها كتابة بخط المسند، ما يعني أن هذه المذابح من عمل المعينيين الذين استوطنوا واحة العلا إبان ازدهارها خلال القرون الخمسة السابقة للميلاد، ويحمل بعضها الآخر كتابات بالخط الداداني. وعثر في مجمع المعابد المشيد على قمة جبل أم الدرج على أشكال أخرى من المذابح الحجرية بأشكال مختلفة، منها ما يأخذ شكل المربع، ومنها ما هو نصف دائري، وبعضها نحت بشكل دائري وسط حجر رملي مربع الشكل