موانع المعروف

الكاتب: المدير -
موانع المعروف
"موانع المعروف

 

من القصص التاريخيةِ المؤثِّرةِ أن رجلًا كان في سفر، وأثناء رحلته مرَّ برجل مُعدِمٍ على طريق سفرِه، وطلب مرافقتَه والإحسانَ إليه؛ لِما يجدُ من شدة الجوعِ والفاقةِ، فرحَّب به وأكرَمَه.

 

أثناء رحلتِهم ومسيرِهم إذا بذلك الفقيرِ قد أضمَرَ الشرَّ لمن أحسَنَ إليه وأكرَم وِفادتَه، وقام بتهديده بقطع عنقِه - بعد أن أَوْثَقَ يديه - إن لم يعطِه كلَّ ما يملكُ من مال، وفعلًا أخذ كلَّ ما يريدُ، وأراد أن يتركَ ذلك الرجلَ الطيبَ مُقيَّدَ اليدين والقدمين تأكلُه السِّباعُ في تلك الصحراء القاحلةِ شديدةِ الحرِّ، وقبل أن يغادرَ ذلك اللصُّ، ناداه ذلك الكريمُ، وقال له: لا تُخبرْ أحدًا بما فعلتَ بي؛ حتى لا ينقطعَ المعروفُ بين الناسِ، نزَلت هذه الكلماتُ كالصاعقة على قاطع الطريقِ هذا، وكانت سببًا في هدايته، وابتعادِه عن هذا الطريق الشيطانيِّ.

 

نعم، هناك من كان سببًا في منع أناسٍ كثير من فعلِ الخيرِ والمعروف؛ نتيجةَ أفعالِهم الخاطئةِ، وتصرُّفاتِهم الخارجة عن نطاق الآدابِ والأخلاق.

 

وسوف أستعرضُ بعضَ النماذجِ من الأخطاء القاتلةِ التي قد نقعُ فيها، وتكونُ سببًا في امتناع خلقٍ كثيرٍ عن فعل المعروف، من هذه الأمثلة يأتيك أحدُ الأصدقاءِ ويطلبُ منك مبلغًا من المال، ويقطعُ الوعودَ الصارمةَ بسداده في وقت محددٍ؛ ولكن تمرُّ الشهورُ والسنواتُ ولا حياةَ لمن تنادي.

 

هل تتوقعُ أخي أن هذا المُقرِضَ سيُعطي شخصًا آخرَ في أمَسِّ الحاجةِ بعد أن مرَّ بتجربةٍ مؤلمة معك؟

ومن الأمثلة أيضًا يطلبُ منك أحدُهم سيارتَك، وللأسف يُسئُ استخدامَها ولا يهتمُّ بصيانتها؛ يقولُ لي أحدُهم: طلب مني أحدُ الأقاربِ سيارتي لحاجته المُلحَّة إليها، فبادرتُ وأعطيتُه تقرُّبًا إلى الله وصلةَ رحمٍ، يقول: وعادت لي سيارتي بعد أشهُر وهي في أسوأ حال، حتى كلَّفني تصليحُها مبالغَ كبيرةً.

 

هل نظنُّ يا أحبةُ أن مثلَ هذا سيبادرُ إلى فعل المعروفِ عندما يأتيه شخصٌ آخرُ يطلبُ منه نفسَ المساعدة بعدما ذاق ما ذاق؟

ومن الأمثلة أيضًا في موانع الخير والمعروف بين الناسِ هذه القنواتُ الهابطةُ التي نشَرَت الإلحادَ والانحلالَ الأخلاقيَّ بين المسلمين.

 

المعضلةُ أن كثيرًا من مُلاك هذه القنواتِ أسماؤهم: محمد، وعبدالله، وعبدالرحمن، وصالح!

لصالحِ مَن يعملُ هؤلاء؟

مَن حرَّضهم على نشر الفسادِ والرذيلةِ بين شبابِ المسلمين؟

لماذا ارتضَوا أن يكونوا طابورًا خامسًا يخدُمُ أجنداتِ الأعداء؟

لا شك أن التاريخَ لن يرحمَهم، وستذكرُهم الأجيالُ كأدواتِ تخريبٍ وانحلالٍ لأغلى ما نملِكُ: شبابِنا وفتياتِنا.

 

ومن موانع الخيرِ والمعروف: ما نراه من بعض الحريصين على الخير من الشِّدة مع المخالِفِ، وعدم بذلِ المعروفِ بالحسنى، رسالتي إلى هؤلاء أن يرجعوا إلى سيرة الحبيبِ عليه السلام، ويتأملوا في مواقفِه الدعويةِ والأخلاقيةِ مع المخالفين؛ بل مع عتاةِ الكفرِ؛ كالوليد بنِ المغيرة وغيره.

 

رسالتي إلى كل من سبق ذكرُهم أن يُراجعوا أنفسَهم؛ حتى لا يكونوا من موانع الخيرِ وبذلِ المعروفِ بين العبادِ.

كما أن على باذلي المعروفِ أن يجعلوا كلَّ ما يُقدِّمُونه لله ولله فقط، ولا يَثنيهم عن فعل ذلك نكرانُ ناكرٍ، أو جحودُ جاحدٍ.


"
شارك المقالة:
14 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook