موسم الجراد بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
موسم الجراد بالرياض في المملكة العربية السعودية

موسم الجراد بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
يفرح الناس ويستبشرون بموسم الجراد على الرغم من إضراره بالزرع والنخيل؛ وذلك لأنهم يستفيدون منه في أكله. ولعل مردَّ ذلك أيضًا إلى أن الجراد ليس كله ضارًا، فهناك نوع ضرره قليل، ويمر على المزارع فلا يمكث غير يوم واحد أو يومين، ثم يترك المزارع إلى البَر، ويسمى (جراد التهامي)، وعندما يمرُّ هذا التهامي فوق النخيل ينهمه النهامون، فيطير بسرعة إلى البَر، وعند وصوله إلى البَر يلقح بعضه بعضًا ويرمي في الأرض (الدبا)، فتلد الجرادة الواحدة تسعًا وتسعين جرادة.
 
وبعد أن يطلع الدبا ويراه الناس ويأتي الخبر إلى المزارعين وأهالي البلدة يخرجون له بالمساحي وبعسبان النخل ويحفرون له (الدعوب) وتسمى المشاقيق - وهي حفر مستطيلة - ثم يدفنونه فيها ويضربونه بالعصي حتى لا يتطاير، أما ما يتطاير من الدبا ويفلت منهم ويكبر وينبت له جناحان فيسمى (الخيفان) وهو النوع الثالث من الجراد بعد التهامي والدبا، والخيفان قد لا يطول بقاؤه إذ يضربه السرو (نوع من الدود) في عنقه حتى يموت خصوصًا إذا أقبل عليه الحر. وتوجد حالة أخرى قد يمكث فيها الجراد في النخيل، ويطول بقاؤه ويكبر ويسمن بعد أكله للزرع، ويسمى بذلك (مكنًا) وهي الأنثى، والذكر يسمى (زعيرًا)، وهذا النوع من الجراد هو النوع الذي يطيب أكله، وإذا عرف الناس مكانه أو محل تجمعه صاح الصائح في الديرة أو في النخيل: (يا الجرادة ترى الجراد في المحل الفلاني)، ثم يخرج الناس إليه بالأكياس أو بملابسهم ويجمعونه فيها ثم يطبخونه بالماء والملح ويأكلونه، وما زاد عن حاجتهم يخزنونه.
 
وعندما يصل الدبا إلى النخيل فإن المزارعين والأهالي يقومون بنهمه من جديد ليتطاير حتى يخرج من النخيل ويقولون: (هيه يا رخو الذَّنَب، هيه خوَّفت العرب)، وإذا طالت مدة بقائه في النخيل ولم يستطع المزارعون مكافحته فإنه يبدأ بالترادف من جديد تحت الأشجار والزروع وفي البرسيم، وبذلك يضر النخيل والزروع إذ إنه يأكل كثيرًا ومع ذلك لا يسمن لذلك يقول العامة:
 
يأكل كما يأكل الخيفان
 
ولا تسمن أذنابه
 
ويظهر الجراد مدة وينقطع سنين طويلة، ولا يترتب على ظهوره دائمًا مضرة، فتارة يكون قليلاً وتارة أخرى يكون من الأنواع التي تؤكل فيستفاد منه. وفي بعض الأحيان يكون ضرر الجراد كبيرًا وفادحًا، فمثلاً: مرت على الرياض عشر سنوات انقطع فيها الجراد وذلك منذ أكثر من خمسين سنة، ثم ظهر بعد ذلك جنوب وادي نمار من الشعاب التي حوله، ثم صعد على النميلات (الظهرة)، ثم مر بظهرة منفوحة ونخيلها فأكل ما فيها، ثم نـزل على جنوب الرياض ومنه إلى الرياض كلها، فلم يبق نخل إلاَّ وتضرَّر خصوصًا نخيل جنوب الرياض؛ إذ أكل الجراد النخيل والزروع والخضار.
 
أما نخيل شمال الرياض فلم يكن الضرر عليه كبيرًا كما كان في جنوب الرياض؛ لأنه لم يدم فيها طويلاً، وإن كان هناك من ضرر فهو على الزروع والبصل والبرسيم، وكان هذا الضرر خفيفًا.
 
أما عن كيفية النهم فهي التكبير والتهليل ودعاء الله أن يبعده عنهم مع الصياح ورفع الصوت وضربه بعسبان النخيل وبالخوص وإيقاد النار بأشجار خضراء ويابسة لكي تدخِّن حتى يختنق، ومع ذلك لم تنفع هذه الطرق في دفع ضرره إلى أن قضى على الزروع كلها في ذلك الوقت، وأثناء ذلك أمر الملك عبدالعزيز شركة أجنبية برشه بالمبيدات في أمكنته خارج البلدة، فتم إهلاكه. وبعد هلاك الجراد مع هلاك الزروع عاد المزارعون يفلحون من جديد، بعد أن أصبحوا يستدينون التمر والحَب من التجار ليأكلوا؛ لأن مزارعهم قضى عليها الجراد، وأراد الملك عبدالعزيز أن يخفف هذه المعاناة عن أبناء شعبه فقام بتقديم مساعدات للمزارعين كل حسب مزرعته، فمنهم من أعطاه ألف ريال، ومنهم من أعطاه ستمئة ريال، ومنهم من أعطاه خمسمئة ريال... وهكذا.
 
" كذلك مرت سنة يقال لها سنة الدبا لكثرته حيث عم الرياض كلها والقرى المجاورة لها، ولم يتمكن الأهالي والمزارعون من القضاء عليه حتى تطور الأمر بدخول الجراد في النخيل، وبدؤوا يكافحونه في النخيل حتى خَيفَنَ، وبدأ يأكل الزروع حتى انقطع البرسيم، ولم يعد له وجود، وكذلك ثمار النخل حتى إن الشماريخ كانت تسقط، ولقد استمر هذا الوضع شهرًا كاملاً أحس فيه الناس بأذى الجراد في أنفسهم فكان يدخل بين الملابس والناس يمشون وكذلك في نومهم "  
 
وفي الوقت الحاضر أصبحت مكافحة الجراد عملاً حكوميًا منظمًا تقوم به وزارة الزراعة، مستخدمة فيه وسائل العلم الحديثة من أجهزة متطورة وتكنولوجيا حديثة، فتُرش المبيدات الحشرية على المناطق المعرضة لهجومه، وتُستخدم في ذلك الطائرات، مما سهل من عمل المزارع، وقلل من نسب الخسائر التي كانت تحدث في الماضي.
 
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook