جاء في سبب نزول سورة الكهف أنه لما كثُر عدد المسلمين وأصبح الوافدون من القبائل العربية إلى مكة يُكثِرون السؤال حول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل المشركون رجلين هما النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى المدينة المنورة ليسألوا أحبار اليهود فيها عن رأيهم في أمر محمد -عليه السلام- ودعوته، وحين أتَوْهم وصفوه لهم وأخبروه بما يقول، وطلب الأحبار منهم أن يسألوه عن ثلاثِ مسائل، فإن أجاب عنها فهو نبي، وإن لم يُجب فهو يدّعي النبوة، وكانت المسائل الثلاث عن أمر فتيةٍ في الأمم السالفة، وعن ماهية الروح، وعن أمر رجلٍ جاب الأرض مشرقها ومغربها، فلما رجعوا ذهب عددٌ من مشركي قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عمّا أخبرهم به اليهود، فأجابهم أنه سيخبرهم بجواب ما سألوه غدًا، ولم يقل إن شاء الله، فتأخّر عنه الوحي ثلاث أيام، وقال ابن إسحاق أن الوحي تأخّر خمسة عشر يومًا، فشقّ ذلك على رسول الله -عليه السلام- وحَزِن، ثم أنزل الله -تعالى- جبريل بسورة الكهف متضمّنة لجواب سؤالهم عن أمر الفتية وذي القرنين، أما أمر الروح فقد نزل في سورة الإسراء، وأنزل الله -سبحانه- مع الجواب توجيهًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا).
إن لسورة الكهف عدداً من المقاصد التي يمكن للقارئ أن يستنتجها من خلال تدبّر السورة وفهم مآلاتها، فقد ذكرت السورة عدداً من القضايا هي:
إن مما ورد في فضل سورة الكهف في السنّة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم : (مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ)، وحديث: (كانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ، وإلَى جانِبِهِ حِصانٌ مَرْبُوطٌ بشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وتَدْنُو وجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أصْبَحَ أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له فقالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بالقُرْآنِ)، ومن فضائل سورة الكهف أن قراءتها كلّها أو قراءة آيات منها سببٌ في العصمة من فتنة الدجال، وسببٌ لتنزّل السكينة، كما أن قراءتها تجعل لصاحبها نوراً يُضيء له ما بين الجمعتين.
يُندب للمسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة وليلتها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس حتى غروب الشمس من يوم الجمعة، قال عليه الصلاة والسلام: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ؛ أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ)
موسوعة موضوع