موعظة للمؤمنين (خطبة)

الكاتب: المدير -
موعظة للمؤمنين (خطبة)
"موعظة للمؤمنين




الحمد لله الذي جعل الدنيا إلى زوال، وجعل الاخرة هي المستقر والمآل، فيجزي الخلق على ما قدموا من الأعمال، وأشهد أن لا إله إلا الله نهانا أن نغتر بدنيانا، وحذَّرنا من الآخرة وما فيها من الأهوال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى أزواجه والآل ومن تبعهم بإحسان.

 

اتقوا الله أيها العباد ولا تظنون أنكم خالدون ولو كنتم في بروج مشيدة.

 

لا تأمن الدنيا ولو كنت في الحضر، وأقدارها تجري ولو أُخذ الحذر، ولا ينجيك يا هذا حذرٌ من قدر.

 

الموت آتينا، يصبحنا ويُمسينا، والعاقل يا عباد الله من اعتبر.

 

يا بني آدم، دنياك ليس لها أمان، والرحيل آت بلا استئذان، ولن تأخذ معك غير الأكفان، فاعتبروا يا عباد الرحمن.

 

ابكوا على خطاياكم وتفقَّدوا ذنوبكم، واستغفروا ربكم وتوبوا إليه.

 

فمائة سنة تمضي كأيام والذكرى تبقى كالأحلام ولن يضيع عند الله عمل، ? فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ? [الزلزلة: 7، 8].

 

فعجبًا لمن يحزن على موت أصحابه وأهليه، ولا يحزن على تفريطه ومعاصيه.

 

فيا منهمكًا بالمعاصي، لماذا لا تشكر النعم أم أنت ناسٍ، أنسيت نعمة البصر، أم نعمة السمع والأكل والشرب والخلاء والنوم بلا خطر، أألهتك الدنيا أم غرَّك البطر، ألا ترون أنا قد منعنا المطر!

 

يا بني آدم، إنما أنت جسد به روح ولا قيمة للجسد بلا روح، فاهتموا بقلوبكم قبل أن تهتموا بصوركم.

 

قلوبنا تحتاج لمتابعة، لا نتركها لذنب يهلكها وكِبْرٍ ينهكها، وكره يؤرِّقها وحسد يَحرقها.

 

قلوبنا تحتاج أن نعالجها إن قست، ونُلجمها إن طغت، ونذكرها إن نست، وننهيها إن عصت.

 

فيا مضيعًا للصلوات ماذا بقي لرب الأرض والسماوات؟




صلاتكم نجاتكم، وبها تسمو حياتكم، فتبًّا لنوم أضاع صلاتي بالرقاد، وتبًّا لراحة تمنعني عن المساجد بين صفوف العباد.

 

اعتنوا بجوارحكم ألسنتكم أبصاركم سمعكم، لا تشغلوها بمعصية خالقها.

 

الدنيا سريعة الذهاب وأصحابها لا مقام لهم، ولو فعلوا ما فعلوا من الأسباب، فو الله إننا سنكون ذكرى كما كان الأولون، فأين القرون السابقة والأصحاب والأهلون، لم يبق إلا ذكرهم ولن يبقى إلا ذكرنا، ولن يبقى لمن بعدنا إلا ذكرهم:

لكلِّ شيءٍ إذا مَا تَمَّ نقْصَان
فلاَ يُغرَّ بِطيبِ العَيْشِ إنْسانُ
وَهذِه الدَّارُ لا تُبْقي على أحَدٍ
ولا يدومُ عَلىَ حالٍ لها شَانُ
أيْنَ الملوك ذوو التِّيجانِ من يَمَنٍ
وَأيْنَ منهم أكاليلٌ وتيجانُ؟
وأيْن ما شَادَهُ شدّادُ في إرَمٍ
وأيْنَ مَا سَاسَهُ في الفُرسِِ سَاسَانُ؟
أتى عَلىَ الكلِّ أمر لاَ مَرَدَّ لَهُ
حتَّى قضوْا فكأنَّ القَوْمَ مَا كَانوا

 

وهذه الدنيا خلائف بين البشر سلسلة تنتهي بلقاء رب البشر: ? وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ? [الأنعام: 165].

 

فلا تكن ممن إذا لاحت له المعصية أقدم، وكن ممن إذا زانت له المعصية أحجم: ? وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ? [يوسف: 32].

 

فلا تحرصوا على سعادة دنياكم، فمن بحث عنها في دنياه فكأنما يبحث عن السمك في الصحراء وعن الجمل في الماء.

 

فالسعيد حقًّا من مات راضيًا عنه ربه، فيدخل الجنة ليذهب عنه همه وبؤسه.


"
شارك المقالة:
24 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook