تقع الغدة النخامية أسفل الدماغ داخل الجمجمة، حيث تتمركز خلف التجويف الأنفي، وتحديدًا فوق الجيب الوتدي (بالإنجليزية: Sphenoid sinus) تمامًا، وهي مرتبطة بجزء من الدماغ يسمى بمنطقة تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus)،عبر منطقة تسمى السويقة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary stalk) أو القمع الغربالي للأنف (بالإنجليزية: Infundibulum)، ونظرًا لأن وظائفها متشابكة جدًّا؛ فليس من المستغرب أن تقع منطقة ما تحت المهاد والغدة النخامية بالقرب من بعضها البعض، وحقيقةً يوجد بينهما أيضًا تداخل وظيفي مهم، فهما معًا يشكّلان النظام العصبي الصمّي (بالإنجليزية: Neuroendocrine system).
للغدة النخامية حجم صغير جدًّا كحجم حبة البازيلاء،وتتمركز الغدة النخامية داخل تجويف عظمي في الجمجمة يُدعى السّرج التركي (بالإنجليزية: Sella turcica) يكون كالجيب، وتحيط بها عظمة تدعى العظمة الوتديّة (بالإنجليزية: Sphenoid bone)، وفي الواقع تقسم الغدة النخامية إلى فصّين رئيسيين؛ هما الفص الأمامي الذي يكون أقرب للوجه ويسمى بالنخامية الأماميّة (بالإنجليزية: Anterior pituitary gland) التي تشكّل معظم حجم الغدة النخامية كاملةً، وهو مسؤول عن إنتاج غالبية الهرمونات التي تفرزها الغدة في مجرى الدم مباشرة، إضافة إلى الفصّ الخلفي الذي يكون أقرب للجزء الخلفي من الرأس ويسمى بالنخامية الخلفيّة (بالإنجليزية: Posterior pituitary gland)، التي تنمو وتتطور مبكرًا عند الإنسان، وتحتوي على نهايات عصبية لخلايا الدماغ تدعى بالعصبونات (بالإنجليزية: Neurons) تمتد من منطقة تحت المهاد، ويشار أنّ النخامية الخلفية لا تنتج أي نوع من الهرمونات. كما تجدر الإشارة إلى وجود جزء يقع بين الفصين الأمامي والخلفي للغدة النخامية يسمّى النخامية الوسطى أو الفصّ الأوسط (بالإنجليزية: Intermediate pituitary gland).
عند القول إن الغدة النخامية من الغدد الصماء؛ فذلك يعني أنها تنتج مجموعة مواد كيميائية تدعى الهرمونات، والتي تعرف على أنّها نواقل كيميائية تساعد أعضاء الجسم المختلفة للتواصل مع بعضها البعض لتنسيق عملها، وتعتبر الغدة النخامية جزءًا من نظام المراسلة (بالإنجليزية: Messenger system)؛ بحيث تساعد هذه الغدة على التحكم بوظائف الجسم من خلال إفرازها للهرمونات في مجرى الدم، لتنتقل عبره إلى الجزء الهدف، الذي قد يكون إمّا غددًا صماء متخصصة أو أنواعًا أخرى من أنسجة الجسم، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى إفراز هرمونات أخرى، ويجدر بالذكر أن الغدة النخامية تقوم بوظيفتها بطريقتين؛ إمّا عن طريق استشعار نسب الهرمونات الأخرى في الجسم، أو بالاستجابة لأوامر منطقة تحت المهاد؛إذ ترسل غدة تحت المهاد هرمونات أو إشارات كهربائية للغدة النخامية للبدء بعملها،ويمكن القول إن الغدة النخامية مسؤولة عن التحكم والتنسيق بين بعض العمليات المهمة في الجسم، منها ما يأتي:
يمكن بيان الهرمونات التي تنتجها الغدة النخامية فيما يأتي:
ولمعرفة المزيد عن هرمونات الغدة النخامية يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هي هرمونات الغدة النخامية).
تُستخدم التحاليل المخبرية لتحديد مستوى الهرمونات التي تفرزها الغدة النخامية والتي تم ذكرها سالفًا، حيث تكشف هذه التحاليل عن ارتفاع أو نقصان إفرازها؛ لذلك فهي تساعد على تشخيص اضطرابات الغدة النخامية في حال وجودها، إضافة إلى تحديد شدته، كما يمكن طلب هذه التحاليل على فترات زمنية منتظمة يحددها الطبيب لمراقبة فعالية العلاج المستخدم، أو قد تُطلب تحاليل الغدة النخامية عند بعض الأشخاص الذين يُعانون من أمراض وراثية تؤثّر في عمل الغدة بصورة مزمنة على مدى الحياة للسيطرة على عواقب المرض، ومن الجدير بالذكر أن تحاليل الغدة النخامية قد تتضمن الهرمونات التي تفرزها الغدة النخامية نفسها إضافة إلى الهرمونات الأخرى التي يتم إفرازها بتحفيز من الغدة النخامية مثل هرمون الثيروكسين (بالإنجليزية: Thyroxine).
يراعي مقدم الرعاية الطبية عند طلب هذه التحاليل أنّ بعض هرمونات الغدة النخامية تكون ثابتة خلال اليوم مثل الهرمون المُنشّط للغدة الدرقية، وبعضها الآخر يتغير أثناء اليوم الواحد حيث يتم إفرازه على شكل نبضات تنشط أحيانًا وتخمل في أحيان أخرى من اليوم، فتصل مثلاً مستويات هرمون المنشط لقشرة الكظرية، وهرمون النمو، وهرمون البرولاكتين لذروتها قبل الاستيقاظ من النوم، في حين تنخفض لأقل مستوى لها خلال ساعات ما قبل النوم، بينما تتغير بعض الهرمونات مثل الهرمون المنشط للجسم الأصفر والهرمون المنشط للحوصلة خلال أيام الدورة الشهرية، وقد يتأثر بعض هذه الهرمونات بمواقف أو حالات معينة؛ مثل هرمون البرولاكتين الذي يزيد أثناء الرضاعة الطبيعية، وهرمون المنشط لقشرة الكظرية الذي يرتفع نتيجة الإجهاد ليسهم في إفراز الكورتيزول من الغدد الكظرية، ولذلك عادة ما نرى أن تحديد نسب هذه الهرمونات المتغيرة يتم عادة من خلال فحوصات خاصة تتم بعد أن يأخذ المريض مادة طبية تحفز أو تثبط إفراز الهرمون المراد فحصه.
ولمعرفة المزيد عن تحليل الغدة النخامية يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو تحليل الغدة النخامية).
تحدث اضطرابات الغدة النخامية نتيجة الإفراط في إفراز هرمونات الغدة النخامية، أو النقص الشديد في إفرازها، بحيث يؤدي ذلك لحدوث مشاكل أو حالات مرضية مختلفة، وفي الحقيقة قد تظهر الأعراض جراء وجود هذه الاضطرابات تدريجيًّا أو بشكل مفاجئ، وقد تشبه أعراض فرط إفراز هرمونات الغدة النخامية أو نقصها أعراض حالات مرضية أو مشاكل أخرى،ومن ناحية أخرى قد تتداخل هذه الاضطرابات مع وظائف الغدد الأخرى، ويمكن أن يرجع سبب حدوثها إلى التعرض لصدمة، أو في أغلب الحالات تكون نتيجة وجود أورام حميدة غير سرطانية في الغدة، وعليه فإنّها تُسبب زيادة في إفراز هرمونات التخامية أحيانًا، أو أنّها تُحدث ضغطًا على الغدة فتُسبب نقص إفراز هرموناتها، أو أنّها قد تُسبب إفراز هرمون وتثبيط آخر في الوقت ذاته، أو أنها لا تؤثر في إفراز الهرمونات البتّة، ولأنّ الأعراض قد تظهر كخلل في وظائف الغدد الأخرى، لذا يمكن القول إنه يصعب تحديد وجود ورم في الغدة النخامية، لأنها في الحقيقة تبدو كمشاكل لها أسباب أخرى يصعب ربطها بالغدة النخامية بشكل مباشر، ويمكن بيان النتائج التي قد تترتب على زيادة أو نقص إفراز هرمونات النخامية فيما يأتي:
وتجدر الإشارة أنّه يمكن للطبيب تشخيص الاضطرابات الوظيفية للغدة النخامية بعد إجراء عدة فحوصات هرمونية، عن طريق قياس مستوى هرمونات الغدة النخامية في الدم، فعادةً ما يوصي بإجراء تحليل هرمون معيّن اعتمادًا على الأعراض الموجودة عند المريض، وقد يلجأ الطبيب لإجراء تصوير بالأشعة؛ كالتصوير المقطعي المحوسب (بالإنجليزية: Computed tomography) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic resonance imaging) لتحديد وجود تضخم أو تقلص في حجم الغدة، وبالتالي الكشف عن وجود ورم فيها.
ولمعرفة المزيد عن أمراض الغدة النخامية يمكن قراءة المقال الآتي: (أمراض الغدة النخامية).