موقع جبل قيال في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
موقع جبل قيال في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية

موقع جبل قيال في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية.

 
يقع قيال على مسافة 12كم إلى الشمال الغربي من مدينة سكاكا. وقد سُمّي الموقع باسم الجبل الذي يحتضنه، حيث يتكون من القرية السكنية التي تقع على السفح الجنوبي لجبل قيال والمعبد ومباني المراقبة التي تقع فوق القمة الشرقية المنخفضة للجبل  
 
يوجد هذا الموقع في منطقة معزولة، ولأنه يتكون من قرية سكنية، ومنطقة تَعَبُّد قريبة من أسوار وتحصينات توجد فوق قمة الجبل، فإن طبيعته ومكوناته تعكس الوظائف التي كان يؤديها التي نعتقد أن لها طبيعة عسكرية، حيث إن هذا النمط من المواقع ارتبط بالحاميات العسكرية التي تنشأ على طرق التجارة، وبالقرب من المدن. يتكون الموقع من ثلاثة أجزاء منفصلة بعضها عن بعض: الأول قرية سكنية تتكون من مجموعة من الغرف المنفصلة، والثاني يقع فوق قمة جبل قيال، ويتكون من مبنى معبد ومجموعة من الأسوار الحجرية القريبة منه التي شيدت على حافة قمة الجبل الجنوبية، أما المبنى الثالث فيقع إلى الشرق من القرية السكنية، وعلى مسافة 200م إلى الغرب منها.
 
1 - القرية السكنية:
 
تقع على السفح الجنوبي لجبل قيال، وتحتل مساحة تقرب من 150 × 200م تقريبًا، وأبرز ما يميز هذا الجزء من الموقع مجموعة من الغرف المستقلة يبلغ عددها 23 غرفة، شيدت على محيط منطقة شبه بيضاوية، وتحيط تلك الغرف بساحة في الجهات: الشمالية والغربية والجنوبية الغربية. أما الجزء الشرقي من الساحة فيشغله مبنى مستطيل كبير الحجم، يتكون من بقايا سور حجري يحيط بساحة شبه مستطيلة، يغلب على مسقط معظم الغرف الشكل الدائري فهناك 20 غرفة ذات مسقط دائري، وثلاث غرف ذات مسقط مستطيل، اثنتان منها متلاصقتان. ترتفع جدران معظم الغرف بمقدار متر واحد تقريبًا، وتفتح جميعها باتجاه الساحة الداخلية؛ ما يشير إلى أن تلك الساحة كانت تشغل بالنشاط اليومي لسكان هذه القرية، حيث وجد داخل الغرف وفي الساحة الوسطى كميات من كسر الفخار النبطي الرقيق، منها: عينات من فخار قشر البيض المرسوم الذي اشتهرت به الحضارة النبطية. كذلك عُثر في الصخور المحيطة بالقرية على عدد من النقوش النبطية والثمودية التي يعتقد أنها تعود إلى سكان القرية   
 
2 - مبنى رقم 1 والأسوار القريبة منه: 
 
يوجد المبنى رقم 1 والأسوار الحجرية القريبة منه فوق القمة الشرقية لجبل قيال. وهذا المبنى ذو مسقط مستطيل طوله 17.60م وعرضه 15.40م. تشغل هذا المسقط غرفة كبيرة تقع في وسط المبنى مساحتها 5.8×8.3م، وتحيط بها ساحة من الجهات الثلاث عدا الجهة الشمالية التي تشغلها غرفة مستطيلة تفتح على الغرفة الوسطى، وعلى الساحة الشمالية الغربية، ويلاصقها من جهة الغرب غرفة صغيرة شبه مربعة تحتل الركن الشمالي الغربي للمبنى؛ وتتميز الغرفة الوسطى الكبيرة بأن لها مدخلين: المدخل الرئيس منهما يقع في منتصف واجهة جدارها الجنوبي والآخر ثانوي، يقع في ركنها الشمالي الشرقي وكلا المدخلين يواجه المدخلين الرئيسين للمبنى، ما يشير إلى أن هذه الغرفة الوسطى لها علاقة بحركة الداخلين للمبنى، وأنها تشكل أهم وحداته، لذلك فإن مخطط المبنى وموقعه فوق قمة الجبل يفسر طبيعة استخدامه الديني، حيث إن هذا النمط من المباني الدينية اشتهر خلال العصر النبطي، وهو يشبه إلى حدٍّ ما المعبد النبطي الذي وجد في موقع إثرة في شمال وادي السرحان  ،  وكذلك فإن هذا النمط من التخطيط يحمل بعض خصائص مخططات المعابد النبطية في كل من خربة التنور وقصروات  .  وإلى الجنوب الغربي من مبنى المعبد يوجد عدد من الأسوار الحجرية التي شيدت بشكل غير منتظم على حافات قمة الجبل، ويعتقد أن لها علاقة بالوظيفة الأساسية للموقع؛ وهي مراقبة المنطقة المحيطة بالجبل من جميع الجهات، وذلك بغرض تأمين طريق القوافل، وتجارة الأنباط التي كانت تعبر تلك المنطقة  
 
3 - مبنى رقم 3:
 
يقع المبنى رقم 3 على مسافة 200م إلى الغرب من القرية السكنية، ويتكون من سور خارجي سميك يأخذ شكل (U) ويتجه المبنى باتجاه الجنوب، وواجهته الشمالية مفتوحة، وفي وسط المبنى يلاحظ بقايا جدار كان يقسمه إلى قسمين. والمبنى مشيد بحجارة كلسية تختلف عن الحجارة الرملية التي استخدمت في بناء بقية منشآت الموقع التي تتوافر في جبل قيال وما يحيط به؛ ما يشير إلى أن الأحجار التي شيد منها المبنى قد جلبت من موقع يبعد قليلاً. إن سماكة الجدران، والطريقة المتقنة التي استخدمت في تشييد المبنى، وكبر حجم الأحجار، كل ذلك يشير إلى نمط معماري يذكرنا بعمارة دومة الجندل، وقلعتها، وأسوارها؛ ما يعزز اعتقادًا يشير إلى أن أحجار هذا المبنى قد استجلبت من منطقة دومة الجندل التي يكثر فيها هذا النوع من الأحجار. إنه من الصعب في هذه المرحلة تحديد ما إذا كان هذا المبنى معاصرًا أم سابقًا لمباني الموقع الأخرى.
 
ح - موقع كاف: 
 
تقع بلدة كاف على مسافة 20كم إلى الشمال الشرقي من مدينة القريات. وقد كانت كاف المركز الإداري لمنطقة شمال وادي السرحان، واستمرت كذلك، إلى عدة عصور حتى تم إنشاء مدينة القريات الحديثة، ونقل مركز الإمارة إليها، إبّان إمارة عبدالعزيز بن أحمد السديري، وذلك في عهد الملك عبدالعزيز، ومنذ ذلك الوقت بدأت كاف تفقد دورها، وتضمحل حتى هجرها سكانها إلى مدينة القريات.
 
تمثل كاف واحدة من المواقع الأثرية المهمة في شمال وادي السرحان، وأبرز الآثار الشاخصة فيها: قلعة الصعيدي التي شيدت على قمة جبل الصعيدي المطل على البلدة من جهة الشمال، وتمثل هذه القلعة ذات الحجم الكبير، والمشيدة بالأحجار البازلتية، تاريخًا ضاربًا في القدم، حيث يعود بناؤها إلى فترة تسبق منتصف الألف الأول قبل الميلاد، واستمر تجديدها واستخدامها طوال العصور التالية، إذ تمت آخر مراحل ترميم القلعة سنة 1338هـ / 1920م على يد نواف الشعلان، تزامنًا مع بناء قصر كاف  .  وقد عثر داخل أسوار القلعة على مجموعة من الكسر الفخارية التي يعود أقدمها إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد، كذلك وجدت مجموعة من الفخار النبطي الرقيق. كما عُثر على مجموعة من المقابر القديمة في المنطقة الواقعة إلى الشرق والشمال مباشرة من البلدة، وهي من نمط المقابر الركامية التي يمتد تاريخها إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد  
 
أما الآثار الإسلامية الباقية في البلدة فأهمها: قصر كاف  الذي شيد في عهد نواف بن شعلان سنة 1338هـ / 1920م، وهو قصر مربع الشكل تحيط بزواياه الأربعة أبراج مستديرة  ، وقد شيدت داخل ساحة القصر مجموعة من الوحدات المعمارية أهمها: مبنى الضيافة، ومبنى مجلس الأمير، والمسجد، ومبنى السكن أو الخدم. وتشير المصادر المحلية إلى أن القصر شيد بأحجار كلسية جلبت من بلاد الشام، وتولى بناء القصر مجموعة من البنائين من بلاد الشام، حيث يرتبط نمط القصر وطرازه بنمط العمارة الحجرية المنتشرة في بلاد الأردن وفلسطين، وبالإضافة إلى قصر كاف هناك بلدة كاف الطينية التي تتكون من حيين متقاربين: الحي الأول حي الفواقا، والثاني حي التحاتا، وكل منهما يتكون من مجموعة من المنازل الطينية ذات المساحة المختلفة، لكن يغلب على تلك المنازل صغر الحجم، وبساطة البناء الذي اتسم باستخدام الطوب اللبن، وخشب الأثل، وجذوع النخيل.
 
لقد قدم عدد من الرحالة الغربيين أوصافًا لبلدة كاف، أبرزهم: الرحالة الإيطالي كارلو جورجاني، وهوبر الفرنسي، وأوتينج الألماني، والليدي آن بلنت الإنجليزية، وجميعهم قدموا معلومات عن بلدة كاف، ونمط بنائها ومساكنها؛ ما يؤكد أن البلدة يعود تاريخها إلى فترة تسبق القرن التاسع عشر الميلادي  
 
ط - موقع لقطة:
 
يقع إلى الجنوب من مدينة سكاكا وإلى الشرق مباشرة من قرية الطوير التي أصبحت الحد الجنوبي لمدينة سكاكا. يمتد الموقع بطول يزيد على 500م، وعرض 200م، ويخترق طريق الأسفلت الذي يربط سكاكا بالمطار الموقع، ويقسمه إلى قسمين: غربي وشرقي فيما يقع الجزء الرئيس منه إلى الشرق من الطريق.
 
يتكون الموقع من مجموعة من التلال الأثرية التي غطتها الكثبان الرملية؛ لكونه يقع على حافة نفود صغير يعد امتدادًا للنفود الكبير  ،  وتظهر على سطح الموقع بقايا جدران طينية تظهر في مواضع، وتختفي في المناطق التي تغطيها الكثبان الرملية، وقد ذكر بعض كبار السن من سكان المناطق المحيطة أن الموقع كان يسمى لقطة، وكانت توجد به آبار مياه، وتتخلله بقايا بساتين قديمة اندثرت ودفنت تحت زحف الرمال الذي غطى الموقع منذ زمن سحيق  . 
 
حظي موقع لقطة بعدد من الدراسات الحديثة التي تناولته كانت أولاًها تلك الدراسة التي قام بها فريق المسح الأثري الشامل الأول سنة 1396هـ / 1976م، والمسح الثاني الذي تم سنة 1397هـ / 1977م، حيث نشرت معلومات أولية عن الموقع وطبيعته، وبعض المواد الفخارية التي جمعت من سطح الموقع  .  وفي عام 1406هـ / 1986م قام الباحث خليل المعيقل بإجراء أعمال حفر محدودة في الجزء الشرقي من الموقع تمكن خلالها من تحديد مرحلتين سكنيتين تعودان إلى مرحلة حضارية واحدة، حيث دلت الدراسة التي أُجريت على المواد الفخارية على أن الموقع يعود إلى مرحلة مهمة من حضارة الجزيرة العربية التي ازدهرت فيها الواحات ومدن القوافل، خصوصًا خلال الفترة الواقعة بين القرن الثاني قبل الميلاد. والقرن الأول الميلادي. إن أبرز ما يميز هذا الموقع هو: كثافة المواد الفخارية المنتشرة على سطحه، وجودة الصناعة والحرف، إضافة إلى المعالجة الممتازة لسطح القطعة، والاهتمام بزخرفة الأواني التي تطغى عليها الزخارف المحزوزة بالأشكال الهندسية، والخطوط المستقيمة والمتعرجة، والزخارف المختومة. ومن خلال مقارنة فخار موقع لقطة مع فخار عدد من المواقع في وسط الجزيرة العربية، مثل: موقع زبيدة بالقصيم، ومواقع شرق الجزيرة العربية، مثل: مواقع ثاج، وعين جاوان، اتضح أن هذا الموقع يشترك مع تلك المواقع في سمات حضارية متجانسة تكشف عن وحدة حضارية كانت قائمة في هذه الفترة (القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي) في معظم مناطق الجزيرة العربية أبرز ما يميزها: خصائصها المحلية التي تنفرد بها عن باقي المراكز الحضارية الأخرى في منطقة الشرق القديم 
شارك المقالة:
315 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook