مياه التحلية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مياه التحلية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

مياه التحلية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 
يزداد الطلب على المياه باطراد في المملكة العربية السعودية نتيجة للزيادة السكانية المستمرة، ما جعل الموارد المائية التقليدية المتمثلة بشكل رئيس في مياه الجريان السطحي (السيول) والمياه الجوفية العذبة لا تكفي لسد احتياجات السكان من المياه خصوصًا للأغراض المنـزلية في المدن الكبيرة، ولمواجهة الطلب المتزايد على المياه في المدن اتجهت الوزارات والمؤسسات المعنية بتوفير المياه فيها إلى تحلية المياه المالحة التي تسمى أحيانًا الإعذاب.
 
بدأت عملية الاستفادة من مياه البحر قديمًا، منذ عام 1325هـ / 1907م  ،  عن طريق آلة التقطير التي عرفت بـ (الكنداسة) إذ استمرت في العمل حتى سنة 1346هـ / 1927م عندما توقفت نهائيًا نتيجة لقدمها وكثرة أعطالها، وعندما رأى جلالة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - ما تعانيه مدينة جدة - البوابة الرئيسة للأمكنة المقدسة - من قلة مواردها المائية اللازمة لشرب الأهالي والوافدين إليها من الحجاج أمر في عام 1348هـ / 1928م باستيراد جهازين بديلين لتكثيف وتقطير مياه البحر على شاطئ مدينة جدة بالقرب من الميناء عرفا باسم (الكنداسة)، وأمنا احتياجات القوافل من الحجيج والمعتمرين ومدينة جدة من مياه الشرب تنتجان 200000م  من الماء المقطر يوميًا، فأصبحت (الكنداسة) عندئذٍ اللبنة الأولى والقاعدة الأساسية لبناء صناعة تحلية المياه بالمملكة.
 
بعد دراسة علمية متأنية في وزارة الزراعة والمياه بدأت حكومة المملكة العربية السعودية في إنشاء محطات لتحلية المياه فأقيمت محطة لتحلية المياه (المرحلة الأولى) بمدينة جدة  في عام 1390هـ / 1970م، بسعة تصميمية تصل إلى 19000م  يوميًا وطاقة كهربائية بسعة 50 ميغاوات كهرباء، ثم أنشأت في عام 1392هـ / 1972م وكالة وزارة لشؤون تحلية المياه بوزارة الزراعة والمياه لدراسة تصاميم محطات التحلية وإنشائها والإشراف على تشغيل وصيانة المحطات العاملة.
 
عندما تبنت الحكومة تقنية تحلية مياه البحر لمواجهة احتياجات البلد من المياه أنشئ جهاز إداري مستقل يتولى المسؤولية كاملة في تطوير وبناء هذه التقنية المكملة لمنظومة التنمية الشاملة، فقد صدر مرسوم ملكي في عام 1394هـ / 1974م بإنشاء (المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة) التي تنص المادة الثانية من نظامها: "لتعضيد الموارد الطبيعية للمياه بطريقة تحلية المياه المالحة في مناطق ومدن المملكة التي تقصر الموارد الطبيعية عن سد حاجتها والتي يتقرر فيها اتباع أسلوب التحلية، ويجوز للمؤسسة إنتاج الطاقة الكهربائية بصورة تبعية متى ما استوجبت ذلك أسباب اقتصادية وفنية".
 
و (جدول 38) يبين حجم نشاط تحلية المياه بمنطقة مكة المكرمة ومقارنة ذلك على مستوى المملكة عمومًا، ونلاحظ أن المنطقة تقوم بدور ضخم في تحلية المياه، فقد تجاوز ما تنتجه محطات التحلية بها 45% من إنتاج كل محطات المملكة من المياه والكهرباء، ولا يستغرب هذا فالمنطقة تتميز بكثافة سكانية عالية، فهي ثاني أكبر منطقة بالمملكة، ويبلغ عدد السكان فيها قرابة 5.45 ملايين نسمة ما يعادل أكثر من 26% من إجمالي السكان بالمملكة في عام 1421هـ / 2000م، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من الحجيج والمعتمرين الذين يفدون سنويًا لأداء مناسك الحج والعمرة.
 
وهناك ستة مشروعات لمحطات تحلية جديدة تحت الدراسة تصل طاقتها التصميمية إلى 1300000م  من المياه المحلاة يوميًا لتغطي الاحتياجات المائية للمدن: مكة المكرمة وجدة والطائف والليث والقنفذة وحلي ورابغ   ومستورة وثول والقضيمة  . 
 
نتيجة لاتساع مساحة منطقة مكة المكرمة فإن تحلية مياه البحر تتطلب وسيلة نقل عالية الجودة حتى تصل للمستخدم النهائي بكل يسر وسهولة، لذلك قامت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بتنفيذ خطوط أنابيب لنقل المياه من المحطات إلى المدن والقرى بالمنطقة، ولقد نفذ مشروع واحد لنقل المياه من محطة الشعيبة إلى كل من مكة المكرمة والطائف بلغ طول الأنابيب 236كم (7% من إجمالي أطوال الأنابيب بالمملكة) وتصب في 11 خزانًا سعتها الإجمالية 720000م  ، وهناك خط آخر لنقل مياه تحلية الشعيبة إلى محافظة جدة.
 
يحصل المواطن والمقيم على الماء بكل يسر وسهولة وبأسعار زهيدة، إذ يبلغ سعر كل مئة متر مكعب للشريحة الأولى والثانية 12.5 ريالاً فقط (12.5 هللة لكل م  ) بينما تبلغ التكلفة الفعلية 400 ريال شاملة التحلية والنقل والضخ (أو 4 ريالات للمتر المكعب الواحد).
 
اعتمدت المؤسسة العامة لتحلية المياه المحلاة في بداية أمرها على شركات متخصصة عالمية في تشغيل وصيانة المحطات، مع بداية خطة التنمية الثالثة 1400 - 1405هـ / 1980 - 1985م أخذت تعتمد على الكوادر البشرية الوطنية، مما تطلب إنشاء وحدة للتدريب (أقيمت بمدينة الجبيل بالساحل الشرقي) لتأهيل الكوادر الوطنية في كل المجالات الفنية والإدارية اللازمة لإدارة مشروعاتها، ولم تتوقف أنشطة التدريب بالمؤسسة عند مركزها التدريبي المتخصص، إنما هي تستعين بالمعاهد والجامعات السعودية والخارجية لتوفير دورات تدريبية فنية متخصصة لتلبية احتياجاتها من الكفاءات الوطنية المؤهلة على أعلى مستوى، لقد تم رفع دراسة متكاملة   حيال تخصيص المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة إلى المقام السامي في شوال 1423هـ / 2002م.
 
شارك المقالة:
55 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook