مياه السيول بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
مياه السيول بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

مياه السيول بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
معلوم أن الأودية جميعها في منطقة المدينة المنورة داخلية المنشأ، ومياه السيول التي تجري فيها مرتبطة بالأمطار المحلية. فعلى الرغم من أن كميات الأمطار السنوية التي تسقط في منطقة المدينة المنورة قليلة، إلا أنها قد تؤدي إلى حدوث السيول؛ ويرجع ذلك إلى أن كمية كبيرة من الأمطار قد تسقط في فترة زمنية قصيرة حيث إن كمية الأمطار التي تسقط في يوم واحد قد تتجاوز المتوسط السنوي للأمطار ويعود أيضًا إلى الانحدار الشديد في المناطق الجبلية. فقد ذكر أحد الباحثين   أن سد الفرعة بينبع النخل  الذي تبلغ سعته التخزينية 20 مليون متر مكعب تُمَكِن من حجز كميات كبيرة من المياه ارتفعت إلى أعلى مستوى فيه، وسالت من فوق المفيض بعد هطلان الأمطار مساء يوم 8 / 3 / 1405هـ الموافق 2 / 12 / 1984م. ولقلة الأمطار الساقطة على منطقة المدينة المنورة وعدم انتظامها، فإن جريان مياه السيول في الأودية قليل الحدوث، وغالبًا ما تجري المياه في الأودية فترات قصيرة، ولكنها في بعض الأحيان - خصوصًا بالأودية الكبيرة نسبيًا - تستمر في الجريان عدة أيام، ولكن في السنوات التي تكثر فيها الأمطار قد تجري المياه في الأودية لأسابيع. ويوجد في منطقة المدينة المنورة عدد كبير من الأودية منها أودية صغيرة ومنها أودية طويلة تنحدر باتجاه البحر الأحمر، مثل: وادي الصفراء ووادي الحمض وروافده الرئيسة، أو باتجاه الأجزاء الداخلية من المملكة مثل: وادي الغرس ووادي الضمران ووادي الوقيط التي تمثل روافد الأجزاء العليا لوادي الرمة.
 
ويُعد حوض وادي الحمض من أحواض التصريف الرئيسة بالمملكة، إذ يبلغ طوله نحو 900كم، حيث تبدأ روافده الرئيسة من محافظة الحناكية ومحافظة الطائف بمنطقة مكة المكرمة. ومن الأودية الرئيسة التي تشكل حوض وادي الحمض وادي الجزل ووادي العقيق (عقيق المدينة) ووادي قناة. وعلى الرغم من أن حوض وادي العقيق ليس كبيرًا جدًا، لكنه يعد من أشهر أودية المدينة المنورة لوفرة مياهه وتاريخه العريق. وتتجمع مياه وادي العقيق من النقيع التي تقع على بعد نحو 100كم إلى الجنوب من المدينة المنورة، حيث تنحدر مجاريه العليا من السفوح الشرقية لجبال عوف والسفوح الغربية للجبال الساحلية  .  ويتجه مجراه الرئيس نحو الشمال إلى أن يلتقي بوادي قناة شمال غرب المدينة المنورة في موقع زغابة، وبالتقائهما يتشكل وادي الحمض الذي يتجه بشكل عام نحو الشمال إلى أن يتصل بوادي الجزل الذي ينحدر من حرة الرحى، ثم يتجه نحو الغرب حتى يصب في البحر الأحمر إلى الجنوب من مدينة الوجه بمسافة تقارب 60كم.
 
يمثل وادي العقيق بمحافظة الطائف ووادي الحناكية الأجزاء العليا لحوض وادي قناة؛ فقد نقل ياقوت الحموي   المتوفى سنة 626هـ / 1229م عن المدائني قوله: "وقناة وادٍ يأتي من الطائف ويصب في الأرحضية وقرقرة الكدر ثم يأتي بئر معاوية ثم يمر على طرف القدوم في أصل قبور الشهداء بأحد". ويذكر ابن خميس   أن وادي العقيق (عقيق الطائف) ينحدر من السفوح الشرقية لجبال السراة والحجاز الواقعة شمال الطائف، ويتجه مجراه الرئيس بشكل عام نحو الشمال بين الجبال من الغرب والحرار من الشرق إلى أن يجتمع في قاع حضوضاء مع وادي الحناكية والأودية الأخرى التي ترفده، حيث تمتد مجاريها الرئيسة بشكل عام من الشرق إلى الغرب. وبعد أن تصب هذه الأودية في قاع حضوضاء تخرج المياه من القاع لتجري في وادي الخنق  الذي يتصل بوادي قناة المتجه نحو الغرب إلى الشمال من المدينة واقعًا بينها وبين جبل أحد.
 
تجري مياه السيول أحيانًا في بطون الأودية بمنطقة المدينة المنورة في مواسم سقوط الأمطار. ولكن كميات المياه الجارية في الأودية تختلف زمانيًا ومكانيًا تبعًا لاختلاف كميات الأمطار الساقطة في المنطقة التي تبلغ معدلاتها السنوية على سبيل المثال نحو 96مم في محطة السويرقية ونحو 29مم في محطة البوير  .  وعلى الرغم من أنه لا تتوافر عن مياه السيول الجارية في أودية منطقة المدينة المنورة سوى معلومات غير شاملة وقليلة ولفترة قصيرة وقديمة نسبيًا، لكن يمكن أن يستفاد منها للتعرف على الخصائص العامة للسيول في المنطقة. فـ (شكل 7) يبين ذروة السيول السنوية   في وادي الصفراء نحو 13 سنة لفترة تمتد من 1390 - 1402هـ / 1970 - 1982م. ويتضح من هذا الشكل أن نحو 70% من سنوات التسجيل حدث فيها جريان لمياه السيول، في حين أن نحو 30% من سنوات التسجيل لم يحدث فيها جريان. ويتضح أيضًا من هذا الشكل أن أعلى كمية لتدفق المياه خلال السنة سجلت عام 1394هـ / 1974م، إذ بلغت أكثر من 1600م  في الثانية، في حين سجلت أدنى كمية لذروة السيول السنوية عام 1396هـ / 1976م وهي 200م  في الثانية.
 
ولموسمية مياه السيول وقلة كمياتها وتذبذبها من زمان إلى آخر، فإنها ليست من الموارد المائية الدائمة، ولا تعتمد عليها أنشطة السكان في المنطقة بشكل كلي، بل يستفاد منها لري المزارع الواقعة في بطون الأودية. فقد ذكر الفوزان   أن البيانات الإحصائية أظهرت أن 10% من المساحة المزروعة في منطقة المدينة المنورة عام 1381هـ / 1962م ونحو 5% منها عام 1394هـ / 1974م كانت ترتوي بالأمطار والسيول مباشرة. ولكن لم تظهر البيانات الإحصائية لعام 1402هـ / 1982م أي مزارع تعتمد كليًا على مياه الأمطار والسيول. والواقع أن مياه السيول كانت - وما زالت - تستغل مصدرًا إضافيًا لري المزارع في المنطقة؛ إذ يحرص المزارعون على غمر مزارعهم بمياه السيول ليس فقط للاستفادة منها بوصفها مورد مياه إضافيًا، بل أيضًا للاستفادة مما تحمله هذه السيول من الطمي الذي يساعد على تجديد خصوبة التربة في مزارعهم.
 
شارك المقالة:
173 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook