ميناء الجار بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
ميناء الجار بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

ميناء الجار بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
تقع منطقة الجار على ساحل البحر الأحمر غرب المملكة على بُعد عدد من الكيلومترات إلى الجهة الشمالية من بلدة الرايس، وتعرف اليوم باسم رأس البريكة  ،  ويعد الميناء من الموانئ المهمة على سواحل البحر الأحمر الشمالية الغربية.
 
وتشير الدلائل الأثرية إلى أن تاريخ الميناء يعود إلى عصور ما قبل الإسلام، فقد كشف على سطح الموقع مجموعة من العملات الرومانية التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي  ،  وكذلك فإن المصادر العربية تعزز من حقيقة استيطان منطقة الجار خلال عصور ما قبل الإسلام، فابن هشام الكلبي يذكر في كتاب (التيجان)   أن عمرًا الجرهمي أحب ابنة عمه ميا بنت المهلهل بن عامر فلقيها يومًا في الجار وقال فيها شعرًا جاء فيه:
 
 
سألتك بالرحمن لا تجمعي هو     عليه,  وهجرانًا, وحبك جاره
وتؤكد المصادر أن ميناء الجار كان مع بداية العصر الإسلامي من الموانئ التي ترسو فيها السفن آنذاك، ففي رواية عن ابن سعد صاحب كتاب (الطبقات) إشارة تذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي أن يبعث إليه من بقي عنده من المهاجرين، فحملوا في سفينتين إلى ميناء الجار (ميناء بولا قديمًا)  ،  كما بنى بها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخازن لاستقبال الغلال المرسلة من مصر، وعين عليها واليًا من قبله  
 
وورد للجار وصف في كتب بعض الجغرافيين، ومن أقدمهم عرام السلمي، القرن الرابع الهجري، (العاشر الميلادي)، إذ ذكر: " والجار على شاطئ البحر ترفأ إليه السفن من أرض الحبشة ومصر، ومن البحرين والصين وبها منبر، وهي قرية صغيرة كثير أهلها، وشرب أهلها من البحيرة، وبالجار قصور كثيرة، ونصف الجار في جزيرة من البحر ونصفها الآخر على الساحل "  ،  كما وصفها المقدسي   في نهاية القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) بقوله: " الجار على ساحل البحر، محصنة بثلاثة حيطان، والرابع بحري مفوه، وبها دور شاهقة، وسوق عامرة، خزانة المدينة ومدنها، يحمل إليهم الماء من بدر، والطعام من مصر، وليس لجامعهم صحن "، كما أشاد بها الرحالة ناصر خسرو في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) وقال إنها ميناء، وقرية صغيرة  
 
وتعد الجار من أهم الموانئ الإسلامية المبكرة على ساحل البحر الأحمر، وتقع آثارها في ساحل خليج البريكة جنوب مدينة ينبع الصناعية وشمال بلدة الرايس، وترتفع قرابة 3.5م عن مستوى سطح البحر، وهي تلال أثرية تغطي مساحة كبيرة من الأرض، وتحيط بهذه التلال من ثلاث جهات بقايا سور بني بالحجر الجيري، وتحت هذه التلال توجد بقايا مدينة إسلامية كبيرة وبوابتها وبقايا أرصفة الميناء، كما تنتشر على سطح موقع الجار أنواع مختلفة من كسر الزجاج، والفخار والخزف الإسلامي، وكسر من خزف السيلادون المستورد من الصين  
 
وقد شيدت بيوت الجار من الحجر المرجاني المستخرج من البحر، أو المقطوع من محاجر الساحل القريبة من المدينة، وأثبتت المجسات الأثرية بهذا الموقع وجود عدد من المستويات السكنية المتتابعة، أقدمها يرجع إلى عصر ما قبل الإسلام، وأحدثها يرجع إلى القرنين الخامس والسادس الهجريين (الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين)، كما أثبتت المجسات وجود أكثر من دور واحد في بعض منازل الجار، ووجود أنظمة لتصريف المياه المستعملة  
 
شارك المقالة:
39 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook