نزوف الخلاص وأسبابها

الكاتب: د. ايمان شبارة -
نزوف الخلاص وأسبابها.

نزوف الخلاص وأسبابها.

يترافق الخلاص afterbirth الطبيعي (انفكاك المشيمة وولادتها) عادة ونزف فيزيولوجي يراوح بين200 ـ350سم3 من الدم وقد يصل حتى 500سم3 في الأربع والعشرين ساعة التي تلي الولادة، فإذا تجاوزت كمية الدم المفرغة هذا الحد قيل إن هناك نزف خلاص (postpartum haemorrhage).

ويمكن أن تحدث نزوف الخلاص بدئية مبكرة في الأربع والعشرين ساعة التي تلي الولادة أو تكون ثانوية متأخرة تظهر بعد ذلك فتسمى نزوف عواقب الوضع.

وتصنف النزوف البدئية على حسب الدور الذي تشاهد فيه إلى:

نزوف تلاحظ بعد انقذاف الجنين مباشرة (في أثناء دور العطالة الفيزيولوجية)، ونزوف تلاحظ في أثناء انفكاك المشيمة (في دور التقلص)، ونزوف بعد انقذاف المشيمة مباشرة.

تصادف نزوف الخلاص بنسبة تراوح بين 3 ـ5% من الولادات. وأهمية نزوف الخلاص تأتي من خطورتها الشديدة وكثرة الوفيات التي ترافقها؛ ففي دراسة للدكتور صادق فرعون عن وفيات الأمهات في دار التوليد بجامعة دمشق تبين أن نزف الخلاص كان السبب الرئيس في وفاة 43% من الأمهات في العام 1963 ،  و46.6% في العام 1973 وهي نسبة عالية إذا قورنت بمثيلتها في البلدان المتطورة.

 الأسباب

1 ـ النزوف التي تحصل بعد انقذاف الجنين مباشرة (دور العطالة الفيزيولوجية): غالباً ما يكون السبب انفكاك المشيمة الباكر الحادث في أثناء المخاض، أو ارتكاز المشيمة المعيب، أو اضطراب التخثر الدموي، أو بسبب رضوض أو تمزقات حصلت في المسير التناسلي (تمزق عنق الرحم الذي قد يمتد للقطعة السفلية، وتمزقات جدر المهبل، وتمزقات الفرج أو العجان)، أو بسبب سوء تدبير دور الخلاص بمحاولة توليد المشيمة باكراً في دور العطالة الفيزيولوجية مما يؤدي إلى الانفكاك القسمي.

2 ـ النزوف التي تحصل في أثناء انفكاك المشيمة (دور التقلص): قد يكون السبب الانفكاك القسمي في المشيمة في حالات ضعف التقلصات الرحمية أو التصاق المشيمة الوثيق (المشيمة الملتحمة أو المندخلة)، أو حالة انفكاك المشيمة التام وبقائها في جوف الرحم بسبب التصاق الأغشية بجدار الرحم التصاقاً متيناً فيتعذر في هذه الحالة انقباض الرحم وحصول الإرقاء الحي.

3 ـ النزوف التي تحصل بعد انقذاف الملحقات مباشرة (المشيمة والأغشية): ويكون السبب العطالة الرحمية الثانوية بعد مخاض مديد أو ولادة شاقة عسيرة، أو بسبب تمدد الرحم تمدداً مفرطاً كما في حالات الاستسقاء السلوي أو الحمل المتعدد، أو لدى كثيرات الولادة لوهن العضلة الرحمية، أو بسبب انحباس فلقة أو بقايا مشيمية أو غشائية في جوف الرحم يؤدي لعطالة رحمية جزئية، أو بسبب حصول اضطراب في التخثر الدموي وهو اختلاط نادر لكنه خطر قد يحصل بسبب انفكاك المشيمة الباكر أو وفاة الجنين وانحباسه مدة طويلة، أو بسبب الصمّة السلوية (الأمنيوسية).

4 ـ النزوف الثانوية المتأخرة (نزوف عواقب الوضع): تحدث بسبب بقاء زغابات أو قطع مشيمية صغيرة عالقة بجدار الرحم تثابر على الحياة مدة ما، ومع تقدم انطمار الرحم تحدث تقلصات رحمية لقذف هذه البقايا فتنفك ويحدث النزف.

السير السريري والأعراض والعلامات

العرض المهم هو النزف الدموي وهو إما أن يكون ظاهراً يخرج من المهبل مع خثرات دموية كبيرة وإما أن يبقى الدم مجتمعاً داخل جوف الرحم أو القطعة السفلية فتصبح الرحم كبيرة وقوامها رخواً وليناً لعدم انقباضها ويصعد قعر الرحم للأعلى وقد تحدث الحالتان معاً. وقد تسوء الحالة العامة وتظهر أعراض الصدمة في حالات النزف الشديد.

التشخيص

     تشخيص نزف الخلاص أمر سهل بظهور النزف من المهبل بكميات غزيرة تتجاوز النرف الفيزيولوجي المعهود، والعلامات التي تدل على تجمع الدم داخل الرحم.لكن الأمر المهم هو تشخيص سبب النزف لمعالجته.

يجب على المولد أن يستقصي المسير التناسلي على نحو دقيق لكشف أي تمزق أو رضوض (تمزق في العجان أو الفرج أو المهبل أو عنق الرحم أو الرحم)، وأن يجري مساً مستبطناً لجوف الرحم للتأكد من فراغه وعدم انحباس أي فلق مشيمية أو أغشية جنينية.

ولا تشخص العطالة الرحمية إلا بعد نفي الأسباب السابقة وفيها تكون الرحم كبيرة رخوة غير منقبضة مع عدم تشكل كرة الأمان.

أما في حالة اضطراب التخثر الدموي فيستمر النزف على الرغم من انقباض الرحم وخلوها من البقايا المشيمية أو الغشائية وسلامة الرحم والمسير التناسلي من الرضوض والتمزقات. ويلاحظ أن الدم النازف لا يتخثر، وتظهر الكدمات تحت الجلد والنزف من اللِّثة والدم في البول والقيء. ويمكن بالفحوص المخبرية الدموية كشف اضطراب عوامل التخثر وتناقص مقدار مولد الليفين أو غيابه وفي مرحلة أخيرة تزايد خميرة البلاسمين الفعالة (حالَّة الليفين).

المعالجة

الواقية: تكون بالرعاية الصحية الجيدة في أثناء فترة الحمل واتقاء الأسباب المؤدية لحصول النزف، وتلزم الحامل ذات السوابق النزفية بالولادة في المستشفى تحت إشراف طبي مع توفير الدم المناسب لنقله حين الضرورة.

وتكون الوقاية في أثناء المخاض بالتدبير الجيد لمراحل الولادة وخاصة دور الخلاص واتقاء الأسباب التي قد تؤدي للعطالة الرحمية كالمخاض المديد وتمدد الرحم والتخدير العميق، وتحاشي حدوث انقذاف الجنين انقذافاً سريعاً مما يؤدي لتمزقات الفرج والعجان.

الشافية: وتتلخص في أربعة مبادئ أساسية:

1 ـ إفراغ الرحم من محتوياته سواء كانت مشيمة كاملة أم فلقاً مشيمية أم أغشية جنينية.

2 ـ تحريض الرحم على الانقباض جيداً وتشكل كرة الأمان وحصول الإرقاء الحي.

3 ـ معالجة تمزقات المسير التناسلي ورضوضه (الرحم، وعنق الرحم، والمهبل، والفرج والعجان).

4 ـ معالجة الصدمة النزفية وإعاضة الدم المفقود وتحسين حالة المريضة العامة.

1 ـ معالجة الحالات التي يحصل فيها النزف قبل ولادة المشيمة:

أ ـ في المنزل: نزف الخلاص الذي يتلو الولادات المنزلية أسوأ إنذاراً وأشد خطراً على الأم. على المولد أن يقوم بتمسيد الرحم من خلال جدار بطن المريضة بغية تحريض الرحم على التقلص وطرد الخثرات الدموية التي قد تكون متجمعة في جوف الرحم، وتحقن المريضة بحبابة من الإرغومترين بالعضل أو الوريد. وحين تظهر علامات انفكاك المشيمة يجرى توليد المشيمة سواءً بالضغط على قعر الرحم أم بجر الحبل السري المراقب. أما إذا بقيت المشيمة عالقة ولم تنفك فعندئذٍ لابد من تخليصها يدوياً، ولهذا يفضل أن يتم ذلك في المستشفى.

ب ـ في المستشفى: يعمل على توليد المشيمة بأسرع طريقة؛ وهي التخليص اليدوي وتحت التخدير العام إن لزم مع حقن المريضة بمقبضات الرحم (الإرغومترين والأوكسيتوسين) بالعضل أو الوريد، وإعطاء المصول ونقل الدم المناسب.

2 ـ معالجة الحالات التي يحصل فيها النزف بعد ولادة المشيمة: ويكون ذلك بكشف العامل المسبب ومعالجته.

 أ ـ إذا كان هناك انحباس قطع مشيمية أو أغشية يلجأ إلى التخليص اليدوي.

ب ـ وحين وجود رضوض أو تمزقات في المسير التناسلي في العجان أو الفرج أو المهبل أو عنق الرحم (القسم المهبلي) تعالج بالخياطة عن طريق المهبل بالتخدير الموضعي أو العام. أما في حالة التمزق الممتد للقطعة السفلية أو جسم الرحم فتعالج عن طريق البطن سواءً بالخياطة أم استئصال الرحم إن لزم.

ج ـ أما النزف الناجم عن العطالة الرحمية فيعالج بحقن مقبضات الرحم (الإرغومترين بالوريد والأوكسيتوسين بالتسريب الوريدي المستمر) مع تمسيد الرحم أو إجراء الضغط اليدوي للرحم، إذا لم تنقبض تدخل اليد اليمنى في المهبل لتضغط بقبضتها على الرحم واليد اليسرى تضغط من خلال جدار البطن ويثابر على الضغط حتى انقباض الرحم انقباضاً جيداً وتوقف النزف، وإذا أخفقت هذه الوسائل  ـ وهذا نادر  ـ عندئذٍ لابد من فتح البطن وربط الشعبة الأمامية للشريان الخثلي في الجانبين أو استئصال الرحم.

د ـ في حالة النزف الناجم عن اضطراب التخثر الدموي بنقص مولد الليفين أو غيابه تعالج الصدمة النزفية وتعوض كمية الدم النازفة بنقل الدم الطازج.

 وإذا كان اضطراب التخثر في المرحلة الأولى (مرحلة نقص مولد الليفين) تعطى البلازما أو البلازما المكثفة لاحتوائها على كميات كبيرة من مولد الليفين، أو يحقن الوريد بـ (4  ـ 8) غ من مولد الليفين.

أما إذا كان اضطراب التخثر قد بلغ المرحلة الثانية (مرحلة انحلال الليفين) فتعطى الأدوية والخمائر التي توقف الانحلال مثل إبسيلون حمض الكابروئيك الأميني epsilon amino caproic acid حقناً بالوريد أو الترازيلول trasylol بكميات مناسبة ومتكررة حتى تزول الأعراض.

3 ـ معالجة نزوف الخلاص المتأخرة (نزوف عواقب الوضع): في حالة انحباس قطع مشيمية يجرى تجريف الرحم الإصبعي أو الآلي بالمجرفة الكليلة ومعالجة الخمج بإعطاء الصادات مع إعطاء مقبضات الرحم (الإرغومترين) لمعالجة نقص انطمار الرحم.

 

شارك المقالة:
105 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook