كان النّسب عند العرب منذ القِدم سبباً من أهمّ أسباب فخرهم، وتباهيهم، وقد سجّلت أشعار العصر الجاهلي في كثير من مشاهدها ما يؤكّد ذلك، ولمّا جاء الإسلام أقرّ ضرورة معرفة النّسب، وذلك في الحدود التي تضمن معرفة الأصول والفروع، وتضمن بالضرورة الحقوق المترتبة على التّشريعات التي أقرّها، ونهى عن أنْ يكون الاعتزاز بالنّسب مقدّماً على أواصر الدين ورابطة العقيدة، غير أنّه أقرّ الحدود المعقولة من الاعتزاز بالأنساب، هذا الاعتزاز الذي أثمر في إسهامات القبائل المسلمة في الانخراط في صفوف جيش المسلمين حين يدعو داعي الجهاد تحت تنظيمات عشائريّة تقاتل كلها باسم الله وفي سبيل الله، وقد كانت قبيلة قريش محطّ اهتمام العرب كلّهم قبل الإسلام وبعده؛ فكان لها شأن عظيم، زاد منه انتساب النبي محمّد -عليه السلام- لهذه القبيلة التي كانت مختصّة برعاية حجاج بيت الله الحرام قبل الإسلام، فضلاً عن كونها صاحبة السيادة في مكة المكرمة، ويتساءل بعض المهتمّين عن نسب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهل هو من قريش أم غيرها من القبائل، وما صلة نسبه بالنبي -عليه السلام-؟
الوقوف على صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخَلقية تترك انطباعاً أجمل، وأشمل، وأكثر قُرباً للتّصور الذّهنيّ عند من يُطالع سيرته ومواقفه وأخلاقه.
جاء في صفات عمر أنّه كان طويلاً، شديد الصلع، أبيض تعلوه حمرة شديدة، وكان رجلاً أشيباً، وفي عارضيه خفة وسبلته كبيرة، وصاحب جهامة في بنية جسده، فكان من شدّته أنّه يثب على فرسه وثباً، كما جاء أنّه كان يسرع في مشيته، وكان -رضي الله عنه- يصفّر لحيته، ويرجل رأسه بالحناء، لا يجد بأسأ في لبس الثياب المرقّعة، صاحب مهابة يعرفها كلّ من يلقاه.
جاء في سيرة عمر -رضي الله عنه- أنّه كان شديداً في الحق حيث كان، ولذا اشتُهر بأنّه وافر العدل، صاحب ذكاء؛ فمواقفه تشهد أنّه ثاقب الرأي حكيم، عُرف بحماسته لدين الله، ووفائه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وبورعه الشديد، وعظيم الخوف من الله، فكانَ كثيراً ما يحاسب نفسه ويعظها، ومن ذلك أنّه كان قد اتّخذ خاتماً نقش عليه "كفى بالموت واعظاً يا عمر".
موسوعة موضوع