ففي وقت النبي ﷺ ما كانت هناك حاجة للكلام كثيراً عن قواعد هذا العلم فما كان هناك من داعٍ للاجتهاد والفقه، وحيث لا اجتهاد، فلا طرق من أجل إظهار الأحكام، ولا حاجة إلى قواعد بالإضافة إلى أنّ النبي كان هو مرجع الفتاوى وبيان الأحكام.
وبعد وفاة النبي لم يشعر الصحابة بالحاجة للرجوع إلى الاجتهاد ومسالكه، لمهارتهم باللغة العربية، وأساليبها، ووجوه دلالة ألفاظها وعباراتها، ولإحاطتهم بأسرار التشريع وحكمته، وعلمهم بأسباب نزول القرآن وورود السنة.
وكانت طريقتهم في الاستنباط: أنّهم كانوا إذا وردت عليهم الواقعة بحثوا حكمها في كتاب الله، فإن لم يكتشفوا الحكم فيهِ رجعوا إلى السنة في مجال ما عرفوا من مقاصد الشريعة، وما ترشد إليه نصوصها أو تشير، ولم يجدوا صعوبه في الاجتهاد، ولا حاجة لتدوين قواعده، وقد ساعدهم ما امتازوا به من حدّة الذهن، وصفاء النفس، وجودة الإدراك على ذلك ما كان عندهم من ذوق فقهي اكتسبوه من طول صحبتهم للنبي، وملازمتهم له.