نصيحة إلى الكتاب والمثقفين

الكاتب: المدير -
نصيحة إلى الكتاب والمثقفين
"نصيحة إلى الكتاب والمثقفين




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

 

أما بعدُ:

فإن الله تعالى خلَق الإنسان في أحسن تقويم، وفضَّله على الخلق أجمعين، وأكرمه بالتكليف والدين؛ إذ قال: ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ? [الإسراء: 70]، وقال أيضًا: ? وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ? [التين: 1 - 4].

 

ومن نعم الله تعالى العظيمة على الإنسان أن رزقه العلم والكتابة، ومَلَكة الاستدلال والبيان؛ ليُصلح حاله ومجتمعه، ويقوم بإعمار الأرض، وينال مرضاة خالقه، والخلودَ في دار مُقامته مع أوليائه وأصفيائه.

 

إن أوَّل ما خلق الله القلم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما خلَق الله القلمُ، ثم قال: اكتُب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، وأول ما نزل من كتاب الله: ? اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ? [العلق: 1]))، وقد أقسَم سبحانه وتعالى بالقلم، وهو سبحانه لا يُقسم إلا بعظيم، إذ قال: ? ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ? [القلم: 1].

 

ولنعمةِ العلم والكتابة والبيان واجبُ شكرٍ للمُنْعم سبحانه؛ إذ قال تعالى: ? اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ? [سبأ: 13]، وقال أيضًا: ? وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ? [إبراهيم: 7].

 

ويتجسَّد شكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، بتحقيق تقواه سبحانه، وهي فعل الطاعات وترك المحرمات، وقد أُنزل جميعُ الدين لبيانها، ومن تقوى الله الاجتهاد في إتقان الكتابة ورفع مستوى الأداء وتطويره؛ امتثالًا لأمره عليه الصلاة والسلام: ((إن الله كتَب الإحسان في كل شيء))؛ حتى يكون مناسبًا للزمان والمكان، وتسخير القلم واللسان في خدمة الدين والأمة والأوطان بما يُرضي الرحمن.

 

وللأسف الشديد نجد كثيرًا من الكتاب والمثقفين قد خَلدوا إلى الأرض، واتَّبعوا هواهم، وباعوا بثمن رخيص ذِمَمَهم وعلمهم وقلَمهم، إلى درجة أن بعضهم وظَّف نعمة الله في محاربة دينه، وهدم بلده، وتشكيك الناس في سُنة نبيِّه، والدفع بالشباب إلى الضياع والفتنة والضلالة، فهو يُغذي أفكارهم بسموم الشرق والغرب، ويصدُّهم عن هدي الرب.

 

فعلى هؤلاء أن يتوبوا إلى الله، ولا يَغتروا بحِلمه، ويعلموا أن العزة في التقوى والصدق، وأن عند الربِّ الرزقَ، وأن المذلة في الخيانة وفي إفساد الأمة، وأن العيش هو عيش الآخرة، وأن متاع الدنيا الفانية لا يَستحق التقرب إل مخلوق ضعيف بالاستسلام والمذلة.

 

نسأل الله تعالى أن يعافي أُمتنا، ويرزقنا توبة نصوحًا، ويُسخِّر علمنا وكتابتنا في خدمة ديننا وأُمتنا وأوطاننا، آمين!

وصلى الله وسلم وبارَك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


"
شارك المقالة:
23 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook