نماذج من النصوص الصفوية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
نماذج من النصوص الصفوية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية

نماذج من النصوص الصفوية في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية.

 
وبهدف إيضاح رسم الخط الصفوي القديم والتعرف إلى جانب من جوانب المضامين النصية للكتابات والنقوش الصفوية وفيما يلي عرض ثلاثة نماذج كتابية عُثر عليها في منطقة الحدود الشمالية:
 
أ - النموذج الأول:
 
تم تنفيذ هذا النص الكتابي على قطعة حجرية صلدة، ولسبب أو لآخر لم يتمكن صاحب النقش وكاتبه سعد بن تيم من إكماله، ويتضمن النص إشارة إلى ظعون سعد بن تيم ونـزوله استراحته طلبًا للكلأ.
 
- نص النقش:
 
ل س ع د ب ن ت م ون ج ع و (...)
 
- قراءة النص:
 
بوساطة سَعْد بن تَيْم واستراح (طلب الكلأ) و (...)  . 
 
ب - النموذج الثاني:
 
نفذ نص هذا النقش على حجارة صلدة بجانب نصوص صفوية قصيرة أخرى، ويتضمن طلب صاحب النقش وكاتبه (أبجر)، المنتمي إلى قبيلة بسأ، السلامة من المعبودة اللات وذلك خلال بحثه عن أهله (ربما أفراد من عائلته).
 
- نص النقش:
 
ل أ ب ج ر ب ن م س ل م ب ن ع م ر ب ن وس ل م
 
ذأ ل ب س أ وخ ر ص ع ل أ هـ ل هـ ف هـ ل ت
 
س ل م
 
- قراءة النص:
 
بوساطة أبْجَر بن مُسَلم بن عُمْر بن وَسَلْم من قبيلة بسأ، وبحث عن أهله، فيا اللات (امنحيه) السلامة  . 
 
ج - النموذج الثالث:
 
نفذ نص هذا النقش بأسلوب (السطر الحلزوني) على قطعة من الحجارة الصلدة؛ وتشمل مضامين النص تكدر كاتب النص وصاحبه (خرص) واشمئزازه من وقوع المنية وموت أحد أقاربه أو معارفه واسمه (عزّت)، وقيامه ببناء رجمٍ (نصب / مدفن ركامي) على رفات عزّت.
 
- نص النقش:
 
ل خ ر ص ب ن ن ز ر ب ن ظ ع ن وب ن ي ع ل ع ز ت ور غ م ت م ن ي
 
- قراءة النص:
 
بوساطة خرص بن نـزار بن ظَعْن، وبَنَى (رجمًا) على عزَّةْ وعِفْتُ الموت (اشمأززتُ من الموت)  
 
شهدت أراضي الجزيرة العربية خلال قرونها القليلة التي سبقت ظهور الإسلام تداعيات حضارية يدور محورها حول الأنشطة التجارية والصلات الحضارية لكونها حلقة وصل بين شعوب المنطقة والحضارات المجاورة  .  وأصبحت الطرق التجارية البرية والمسارات البحرية الشرايين الحيوية الاقتصادية لنمو المراكز والحواضر العربية الساحلية منها والداخلية. لم تكن أراضي الحدود الشمالية وما جاورها من مناطق بمعزل عن هذا النشاط الإنساني الحيوي حيث يمثل موقع دوقرة بمنطقة الحدود الشمالية جانبًا تاريخيًا وأثريًا من جوانب تاريخ المنطقة في هذه الفترة التي سبقت ظهور الإسلام ويُعَدُّ هذا الموقع من المواقع الأثرية متعددة فترات الاستيطان؛ فقد وجدت فيه دلائل مادية رومانية (بيزنطية)، ودلائل استيطانية تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة. ويشتمل الموقع في هذا الصدد على وحدات معمارية، من أهمها القصر الذي نُفذ في موقعه مجس اختباري عام 1412هـ / 1991م من قِبل فريق علمي من وكالة الآثار والمتاحف، وتمكن هذا الفريق من توثيق معالمه ووصفه بالكامل. ويرى الباحثون ارتباط تاريخ البركة، وفقًا لعمارتها وهيكليتها البنائية، بفترة بناء القصر. وتقع على بُعد 5كم شمال القصر مجموعة من التلال الأثرية بلغ عددها نحو 15 تلاً أثريًا، وسوف يؤدي العمل الأثري المستقبلي في موقع هذه التلال إلى المعرفة شبه الكاملة للأبعاد التاريخية والحضارية لموقع دوقرة وعلاقته بالمواقع الحضارية الأخرى في المنطقة  
 
واستنادًا إلى الظواهر الأثرية الشاخصة فوق سطح الموقع ونتائج المسوحات الميدانية وعمل المجس الاختباري في الموقع، فإن موقع دوقرة يشتمل على دلائل للاستيطان البشري خلال العصور الحجرية القديمة؛ وقد استمر هذا الموقع يؤدي دوره الحضاري حتى فترات متأخرة خلال العصر الروماني مما يقارب نحو القرن الثاني الميلادي حتى القرن السادس الميلادي.
 
ومن الأدلة الأثرية التي تُعَدُّ مؤشرًا علميًا، نتائج تحاليل كسر الأواني الفخارية المزججة التي جمعت من الموقع خلال التنقيبات الاختبارية، إذ تشير هذه النتائج إلى انتماء الكسر الفخارية إلى الفترة الرومانية المتأخرة مرورًا بالعصر الإسلامي المبكر  . 
 
ومن الطبيعي أن موقع دوقرة يُعَدُّ نموذجًا لتاريخ المنطقة الحضاري في حقبه وأدواره التي سبقت ظهور الإسلام، ولهذا الموقع نظائر أخرى في المنطقة نفسها مثل: موقع زبالة، وموقع ليْنة، وغيرهما من المناطق الأخرى المجاورة، ومنها: منطقة الجوف، ومنطقة حائل.
 
ما سبق ذكره من رصد للمعطيات الحضارية والثقافية بمنطقة الحدود الشمالية منذ العصور الحجرية القديمة بأدوارها المتعددة والمختلفة، مرورًا بتشكل نواة الاستيطان البشري على أراضيها، وانتهاءً بتبلور الشكل القبلي للتجمعات البشرية وتركهم المخلفات المادية الخطية، ليس إلا صورة نمطية لإنسان الجزيرة العربية، قد تتكرر ألوانها الحضارية من منطقة إلى أخرى من مناطق المملكة. وتُعَدُّ هذه المعطيات الأثرية خير شاهد على ما شهدته أراضي منطقة الحدود الشمالية من زخم حضاري إنساني سبق ظهور فجر الإسلام.
 
ولقد شهدت الأطراف الشمالية للمملكة وشمالها الغربي تجاذبًا لمعطيات الحضارات العربية القديمة التي سبقت ظهور الإسلام، وكانت أراضيها آنذاك مسرحًا كبيرًا تشع من خلاله أنوار ثقافتها متجهة صوب أراضي البلاد المجاورة، مثل: بلاد الشام والعراق؛ فلا غرو إذن أن يحدث التمازج الحضاري بين سكان المنطقة والشعوب المجاورة والتوصل إلى الدليل المادي المُدلل والمؤكد على التلاحم والتواصل حضاريًا وثقافيًا.
 
شارك المقالة:
54 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook