هرمونات الغدة الكظرية

الكاتب: وسام ونوس -
هرمونات الغدة الكظرية

 

 

هرمونات الغدة الكظرية

 

كما تمّت الإشارة سابقاً إنّ الغدة الكظرية مسؤولة عن إنتاج وإفراز العديد من الهرمونات التي قد تكون أساسيّة أو غير أساسيّة للحياة، ويُمكن بيان كلّ من هذه الهرمونات تبعًا للجزء من الكظرية الذي يتمّ إنتاجها فيه على النّحو الآتي.

 

قشرة الكظرية

تُنتج قشرة الكظرية نوعين من الهرمونات القشرية السكرية (بالإنجليزية: Glucocorticoids)، وهما هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol) والذي يُعدّ الأهمّ، وهرمون الكورتيكوستيرون (بالإنجليزية: Corticosterone)، إضافةً إلى أنّها تُنتج الهرمونات القشرية المعدنية (بالإنجليزية: Mineralocorticoids) والتي يُعدّ الألدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone) أهمّها، كمّا أنّها تُنتج كميّاتٍ قليلة من بعض الهرمونات الجنسيّة؛ كالأندروجينات (بالإنجليزية: Androgens)، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ القشرة الكظرية تتألف من ثلاث طبقات رئيسيّة؛ الخارجية، والوسطى، والداخلية، بحيث يتمّ إنتاج الهرمونات القشرية المعدنية من الطبقة الخارجية، أمّا الطبقة الوسطى فإنّها تُنتج الهرمونات القشرية السكرية، في حين أنّ الطبقة الداخلية من قشرة الكظريّة تُعنى بإنتاج الأندروجينات، ويُمكن بيان هرمونات القشرة الكظرية ووظائفها على النحو الآتي:

  • هرمون الألدوستيرون: والذي بدوره يُساعد الكلى على الحفاظ على توازن الأملاح ومستويات الماء في الجسم بما يُمكّن من الحفاظ على ضغط الدم وتنظيمه، فبدون وجود الألدوستيرون في الجسم، تخسر الكلى كميّاتٍ كبيرة من الأملاح؛ بما في ذلك الصوديوم (بالإنجليزية: Sodium)، ويترتب على فقدان الأملاح فقدان الماء أيضًا، ممّا يؤدي إلى الجفاف وانخفاض ضغط الدم.
  • هرمون الكورتيزول: تلعب الهرمونات القشرية السكرية دورًا في تنظيم عمليات الأيض، ويتمثل دور الكورتيزول في إنتاج سكر الجلوكوز (بالإنجليزية: Glucose) من خلال تحفيز إطلاق المكونات الضرورية من مراكز التخزين في الجسم مثل العضلات والدهون بما يُمكّن من تصنيع سكر الجلوكوز،كما يلعب دورًا في استخدام والتحكم بكلٍّ من الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون، ويُشار إلى أنّ هرمون الكورتيزل يمتاز بخصائص مُضادة للالتهاب (بالإنجليزية: Anti-inflammatory) ومثبّطة للمناعة (بالإنجليزية: Immunosuppressive)، وله تأثيرات مُتعددة في تطوّر الجنين، كما قد يتمّ ِإطلاقه استجابةً للمُحفّزات المُسبّبة للخوف.
  • هرمونات الأندروجينات: إنّ إنتاج الأندروجينات من قِبل قشرة الغدة الكظرية يتمّ في كِلا الجنسين؛ الذكور والإناث ولكن بكميّاتٍ متفاوتة، بحيث تُساعد الأندروجينات على نمو وتطوّر الجهاز التناسلي وتأديته لوظائفه، كما تُساهم في تطوّر الصّفات الجسديّة الذكوريّة؛ كخشونة الصّوت، ونموّ شعر الجسم والوجه، وتغيّر شكل الجسم بشكلٍ عام، وكما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ الإندروجينات ضروريّة أيضًا لإنتاج الجسم لهرمون الإستروجين، إذ يلعب هذا الهرمون دورًا في التطوّر الجنسي والتناسلي للأنثى، بما يتضمّن تطوّر الصفات الأنثويّة؛ كنموّ الأثداء.

 

لب الكظرية

يُنتج نخاع أو لُبّ الغدة الكظرية الكاتيكولامينات (بالإنجليزية: Catecholamines)، والتي تتمثل بالأدرينالين (بالإنجليزية: Adrenaline) والنورأدرينالين (بالإنجليزية: Noradrenaline)، وهي مركبات الأمينات سالفة الذكر، وإلى جانب عمل الكاتيكولامينات كهرمونات فإنّها تعمل أيضًا كنواقل عصبيّة (بالإنجليزية: Neurotransmitters)؛ والتي تُمثل نواقل كيميائية في الجهاز العصبي،كما يُنتج هذا الجزء من الكظريّة كميّاتٍ قليلة من هرمون الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine)، ومن الجدير ذكره أنَّ إنتاج هذه الهرمونات من قِبل لب الغدة الكظرية يتمّ بهدف التحكّم بجميع الخصائص الفسيولوجية للاستجابة للضغط والتوتر؛ الذي يكون تحت اسم استجابة الكر والفر (بالإنجليزية: Fight-or-flight response)،وتتضمّن مُحفّزات إنتاج هرمونات نخاع الكظرية الأخرى ممارسة التمارين الرياضية، وانخفاض معدل السكر في الدم، والنّزيف.


بشكلٍ عامّ يُسبب الأدرينالين المعروف أيضًا بالإيبينيفرين، والنورأدرينالين المعروف بالإبينيفرينبارتفاع ضغط الدم، وعدد ضربات القلب، ومستوى سكر الدم، ويُعنى الأدرينالين بصورةٍ أكبر بارتفاع معدل وقوة انقباض عضلة القلب، في حين يُعنى النورأدرينالين ذبتضيّق الأوعية الدمويّة.

 

تنظيم هرمونات الغدة الكظرية

يتمّ تنظيم هرمونات الغدة الكظرية بما يُمكّن من التعامل والتكيّف مع مختلف الأمور العاطفية والجسدية التي يتعرض لها الشخص من خلال ما يُعرف بنظام الإجهاد (بالإنجليزية: Stress system)؛ والذي يتّضمن مُشاركة كلٍّ من الجهاز العصبي، ونظام الغدد الصّماء، والجهاز المناعي، وفيما يأتي بيان آلية تنظيم كل من هرمونات الغدّة الكظرية بشيءٍ من التفصيل.

 

هرمون الكورتيزول

يُجرى تنظيم إفراز هرمون الكورتيزول من الدماغ عبر المحور الوطائي-النخامي-الكظري (بالإنجليزية: Hypothalamic pituitary adrenal axis)، ويتضمّن ذلك إنتاج الغدة الكظرية لهرمون الكورتيزول استجابةً للإشارات التي تُطلُِقها الغدة النخامية في الدماغ، والتي بدورها تتفاعل مع الإشارات الصادرة من منطقة تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus) الموجود أيضًا في الدماغ، وفي سياق الحديث عن تفاصيل ذلك يُشار إلى أنّ منطقة تحت المهاد تُطلق الهرمون المطلق لموجهة القشرة (بالإنجليزية: Corticotropin-releasing hormone) واختصاراً (CRH)، والذي بدوره يُحفّز الغدة النّخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland) لإنتاج الهرمون المُنشّط لقشرة الكظرية المعروف أيضًا بالهرمون الموجِّه لقشر الكظر (بالإنجليزية: Adrenocorticotropic hormone أو Corticotropin) والذي يتولّى مهمّة تحفيز الغُدد الكظرية لإنتاج وإفراز هرمون الكورتيزول في الدم، وفي الوضع الطبيعي ودون التعرّض لأيَ ضغوط فإنّ إفراز الهرمون المطلق لموجهة القشرة يتبع نظِم مُعين يختلف باختلاف الوقت من النّهار، بحيث يبلغ أعلى مستوياته في الصّباح وأدنى مستوياته في المساء، وقد يزداد إفراز هذا الهرمون عن المستوى الطبيعي له تبعًا لظروفٍ مُعينة؛ مثل التعرّض لظروف وضغوط نفسية، أو الإصابة بالعدوى، أو ممارسة التمارين الرياضية، والجدير بالذّكر أن الارتفاع في مستوى الهرمون المطلق لموجهة القشرة يتسبّب بارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، وإنّ استمرار الارتفاع في مستويات الكورتيزول لفتراتٍ طويلةٍ من شأنه التسبّب بأضرارٍ في الجسم، وللحدّ من تأثير ذلك في الجسم فإنّ وجود هرمون الكورتيزول بمستوياتٍ عالية يتسبّب بإعاقة الإفراز المُستمر للهرمون المطلق لموجهة القشرة والهرمون الموجِّه لقشر الكظر من خلال إيقاف عمل المحور الوطائي-النخامي-الكظري، وهذا ما يحول دون الاستمرار في إفراز الهرمونات وارتفاع مستوياتها، وعلى عكس ذلك، فإنّ انخفاض مستويات الكورتيزول في الجسم يُحفّز زيادة إفراز كلّ من الهرمون المطلق لموجهة القشرة والهرمون الموجِّه لقشر الكظر لاستعادة مستويات الكورتيزول الطبيعية، ومن الجدير ذكره أنّ مستويات الكورتيزول في الدم تستمر بالانخفاض في حال عدم استجابة الغدّة الكظرية للتحفيز من قِبل الهرمون الموجِّه لقشر الكظر.


تمّت الإشارة سابقًا إلى أنّ مستويات هرمون الكورتيزول قد ترتفع نتجية التعرّض للضغوط النّفسية أو العاطفية نظرًا لتأثير هذه الظروف في الهرمون المطلق لموجهة القشرة والهرمون الموجِّه لقشر الكظر مسبّبةً ارتفاع مستوياتهما، ومن الجدير ذكره أنّ المستويات المرتفعة من هرمون الكورتيزول في هذه الحالات لا تُعيق إفراز الهرمون المطلق لموجهة القشرة والهرمون الموجِّه لقشر الكظر، بحيث يستمر الجسم بإفراز الكورتيزول إلى أن يقلّ الضغط والتوتر الذي يتعرّض له الشخص.

 

هرمون الألدوستيرون

يتمّ تنظيم إفراز هرمون الألدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone) من خلال نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون (بالإنجليزية: Renin–angiotensin-aldosterone system)، إذ يُمثل الرينين (بالإنجليزية: Renin) إنزيمًا يُحفّز حدوث العديد من التفاعلات الكيميائية ويتمّ إنتاجه عن طريق الكلِى بشكلٍ رئيسيّ، إذ يُساهم الرينين في تحوّل الأنجيوتنسينوجين (بالإنجليزية: Angiotensinogen) إلى الأنجيوتنسين 1 (بالإنجليزية: Angiotensin I)، بحيث يلي ذلك تحوّل الأنجيوتنسين 1 إلى الأنجيوتنسين 2 بفِعل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (بالإنجليزية: Angiotensin-converting enzyme)، بحيث يُحفّز الأنجيوتنسين 2 إفراز الألدوستيرون عن طريق تأثيره في مستقبلات مُعينة في الغدد الكظرية،وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ تحفيز نظام الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون بِفعل انخفاض حجم أو ضغط الدم يُساعد على التقليل من تدفق الدم إلى الكليتين، ويُساهم الألدوستيرون في زيادة إعادة امتصاص الماء والأملاح من الكلى إلى مجرى الدم، ويترتب على ذلك ارتفاع حجم الدم وضغطه، واستعادة مستويات الأملاح في الدم،وبشكلٍ عامّ يُمكن القول إنّ هُناك أربعة عوامل تلعب دورًا في تنظيم إفراز هرمون الألدوستيرون، والتي يُعتبر الأنجيوتنسين 2 أحدُهما وقد تمّ توضيح تأثيره سابقًا، ويُمكن بيان العوامل الأخرى التي تلعب دورًا في تنظيم إفراز هرمون الألدوستريون فيما يأتي:

  • الهرمون الموجِّه لقشر الكظر: في الحقيقة يلعب هذا الهرمون دورًا ضئيلًا في الحفاظ على استجابة خلايا لُبّ الكظريّة المعنية بإفراز هرمون الألدوستيرون تجاه مُحفّزات مُعينة، وقد يكون دوره في ذلك معدومًا، ومع ذلك هُناك بعض الأدلة التي تُشير إلى أنّ المستويات الفسيولوجيّة من الهرمون الموجِّه لقشر الكظر تُساهم في تنظيم التقلّبات دقيقةً بدقيقة في مستويات الألدوستيرون في البلازما.
  • الصوديوم: قد تؤدي التغيّرات في مستويات الصوديوم في النظام الغذائي في تغيير استجابة الألدوستيرون لعددٍ من المُحفّزات الحادّة، وتجدر الإشارة إلى أنّ انخفاض الصوديوم الشديد يُساهم في تعزيز استجابة الألدوستيرون عند إعطاء الشخص الهرمون الموجِّه لقشر الكظر، أو البوتاسيوم، أو الأنجيوتنسين 2 لسببٍ ما، والجدير بالذكر أنّ انخفاض مستويات الصوديوم من شأنه تحفيز تحوّل هرمون الكورتيكوستيرون إلى الكورتيزول.
  • البوتاسيوم: يُحفّز التغير والزيادة الحادّة في مستويات البوتاسيوم في الدم إنتاج الألدوستيرون، وتبرُز أهمية أيون البوتاسيوم في السيطرة على إفراز الألدوستيرون من خلال تأثّر استجابة الألدوستيرون للمُحفّزات الأخرى في حال وجود انخفاض في مستويات البوتاسيوم، بحيث تكون الاستجابة في هذه الحالات تحت الطبيعي.

 

هرمون الأندروجين

يُعد الديهيدرو إيبي آندروستيرون (بالإنجليزية: Dehydroepiandrosterone) واختصارًا (بالإنجليزية: DHEA) أهمّ الأندروجينات التي تُنتجها المنطقة الداخلية من قشرة الكظرية، بحيث يتم تحويل هرمون الديهيدرو إيبي آندروستيرون في الغدد التناسلية إلى أندروجينات أكثر فعاليّة؛ مثل التستوستيرون (بالإنجليزية: Testosterone) أو الديهدروتستوستيرون (بالإنجليزية: Dihydrotestosterone) واختصارًا (DHT)، أو قد يتمّ تحويله إلى هرمون الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، ويُمكن القول إنّ إفراز الأندروجينات من قِبل الغدّة الكظريّة يعتمد بشكلٍ رئيسيّ على إفراز الهرمون الموجِّه لقشر الكظر من النّخامية الأمامية، ومن الجدير ذكره أنّ ارتفاع مستويات الهرمون الموجِّه لقشر الكظر يتسبّب باستمرار ارتفاع مستويات هرمون الأندروجينات في الجسم، بحيث لا يكون هُناك تأثير يُمكّن الأندروجينات عند ارتفاع مستوياتها من إعاقة إفراز الهرمون المطلق لموجهة القشرة والهرمون الموجِّه لقشر الكظر كما هو الحال عند ارتفاع هرمون الكورتيزول في الوضع الطبيعي،وتجدر الإشارة إلى أنّ هُناك عوامل أخرى قد تؤثر في إفراز الأندروجينات من قِبل الغدة الكظرية، بما في ذلك هرمون البرولاكتين (بالإنجليزية: Prolactin) أو ما يُعرَف بهرمون الحليب، وهرمون النمو (بالإنجليزية: Growth hormone)، والإستروجينات، والغونادوتروبينات (بالإنجليزية: Gonadotropins)، وهرمون الليبوتروبين (بالإنجليزية: Lipotropin).

 

الكاتيكولامينات

يُساهم التعرّض للضغوط في تنشيط الجهاز العصبي الودّي (بالإنجليزية: Sympathetic nervous system) في الجسم، بحيث يُصاحب ذلك تحفيز الغدّة الكظرية لإفراز هرمونات مُعينة؛ كالكورتيزول، إضافةً إلى تحفيز عمليات مُعينة تتضمّن كلًّا من الجهاز الودّي ولُبّ الكظرية لإفراز الكاتيكولامينات، بحيث يتمّ إطلاق هرمونات النُورأدرينالين والأدرينالين في مجرى الدم والدماغ، بما يُمكّن من ارتباطها بمواقع المستقبلات العصبيّة لإحداث تغييراتٍ في الجسم وتوليد الطّاقة في سبيل تحضير الجسم لاتخاذ إجراءاته، وفيما يتعلّق بالتأثيرات الفوريّة للكاتيكولامينات فهي تتمثل بارتفاع النتاج القلبي (بالإنجليزية: Cardiac output)، وتعزيز التدفق الدموي إلى العضلات الهيكليّة، والاحتفاظ بالصوديوم، وإبطاء حركة الأمعاء، وتضييق الأوعية الدموية في الجلد، وزيادة مستوى الجلوكوز في مجرى الدم، وتجدر الإشارة إلى أنّ ارتفاع مستويات الكاتيكولامينات لفتراتٍ طويلة من شانه التسبّب بنتائج نفسيّة وجسديّة سلبيّة، ومن الجدير ذكره أنّ الكاتيكولامينات ذاتها تُمثل أحد أجزاء الجهاز العصبي اللاودي (بالإنجليزية: Parasympathetic nervous system) في الجسم والمسؤول عن استجابات الاسترخاء، والذي يقوم بتهدئة الجسم وإعادته إلى حالته الطبيعية فور زوال المُحفّز الذي أدّى إلى ذلك.

 

شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook