هل الصراعات في العمل وهم أم حقيقة؟

الكاتب: وسام ونوس -
هل الصراعات في العمل وهم أم حقيقة؟

 

 

هل الصراعات في العمل وهم أم حقيقة؟

 

الصراع، في حد ذاته وفي صورته الخام، أحد معطيات الحياة وفروضها، و الصراعات في العمل لا تختلف عن هذا الطرح، فبما أن العمل جزء من هذا الكل المسمى حياة، فمن البديهي أنه لا بد أن ينطوي أي عمل ما، يتفاعل فيه عدد من الأشخاص مع بعضهم، على نوع من الصراع.

إدراك هذه الحقيقة يساعد الموظفين والمدراء -على حد سواء- في التعامل مع هذه الصراعات بشكل أكثر منطقية، وأكثر تفهمًا، ناهيك عن أنه سيساعد المدراء -بما أنهم الأشخاص المخولون بالتصدي لهذه المشكلات ومحاولة حلها- في فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الصراعات، ومحاولة التقليل منها أو القضاء عليها في مهدها.

هل كل أسباب الصراع منطقية؟!

العالم، وفقًا للفيلسوف الألماني الشهير آرثر شوبنهاور عبارة عن “إرادة وتمثل” -وله كتاب يحمل العنوان ذاته- وهو الأمر الذي يعني أن نصف العالم إرادة، والنصف الثاني هو عبارة عن تصوراتنا عن هذا العالم.

وإذا سحبنا هذا الكلام على بيئة العمل فقد نُفاجأ بأن صراعاتنا مع بعض الأشخاص في مكان العمل لا سبب له إلا أننا نتصور وجود عداء بيننا وبينهم، أو أن الصراعات في العمل لا سبب لها إلا ما يدور بداخلنا؛ ما يعني أن الوقائع تُكذّب هذا الصراع، وتنفي وجوده من الأساس.

ولذلك؛ فإن الخطوة الأولى للتغلب على هذا الصراع أو ذاك الذي نشب في بيئة العمل أن نفهم أسبابه المنطقية والحقيقية، وألا ننساق وراء “تمثلاتنا” -شوبنهاور مرة أخرى- وخيالاتنا، وأن ندرك أن هذا إنما ينتج عن أسباب حقيقية، مثل الاختلاف في وجهات النظر بين مدير وموظف أو موظف وموظف آخر؛ أو مدير ومدير آخر، في إدارة العمل، أو في تحديد الطريقة/الكيفية لتحقيق أهداف الشركة الاستراتيجية.

إغواء الاسترخاء للعواطف السلبية:

عند التعامل مع أشخاص بيننا وبينهم صراع حقيقي أو متوهم، فإن هناك شعورًا غريبًا، ينم عن الكسل والتراخي في مواجهة المشكلات، مفاده: أن هذا الشخص بالفعل سيئ، وأن حل وتجاوز ذاك الصراع القائم بيني وبينه غير ممكن، وبالتالي نستسلم لإغواء هذه العاطفة، ونترك الأمر يتفاقم.

ومن نافل القول إن تفشي الصراعات الناتجة عن أسباب ومبررات منطقية في العمل لن يؤدي إلا إلى التردي على مستوى الشركة/ المنظمة ككل، ويهوي بمعدلات الإنتاج أرضًا. يعني هذا، إذًا، أنه من المحتم الوقوف في وجه هذه الصراعات ومحاولة حلها، والقضاء على أسبابها في مهدها، وإلا فلا مستقبل للشركة سوى الزوال.

وثمة حقيقة هنا تقول إننا سواء كنا مدراء أو موظفين لا نملك سلطة تغيير سلوكيات الآخرين ولا طرق تعاطيهم معنا أو مع العالم بشكل عام، ومن هنا فإن ما نملكه وما نستطيعه حقًا هو تغيير سلوكنا نحن، ومحاولة تكييف أنفسنا مع أنماط الشخصيات المختلفة التي نعمل معها في بيئة عمل واحدة.

لكل قصة وجهان أو أكثر:

كل حكاية/قصة ما تحظى بعدد لا نهائي من التفسيرات والتأويلات، وكل صراع (بوصفه قصة) كذلك؛ فكل طرف من أطراف الصراع يرى الموقف من زاويته هنا، وبطريقته الخاصة، ومن هنا فإن محاولة حل الصراعات في العمل تبدأ من إيجاد نقطة فهم/تفسير مشتركة يجمع عليها شتى أطراف الصراع، وبعدها يتم وضع كل الأطر والآليات التي يمكن من خلالها تخطي هذا الوضع المأزوم.

يشير هذا أيضًا -وربما من طرف خفيّ- إلى أن هناك جزءًا لا بأس به من الصراعات مُتوهمًا أكثر من كونه واقعيًا أو حقيقيًا؛ فالناس، وللأسف، يتعاطون مع بعضهم وفقًا لتفسيراتهم الداخلية وليس بناءً على وقائع أو تصرفات حقيقية، ومن ثم فإن القضاء على الصراعات في العمل تبدأ من قصرها على الأسباب المنطقية والمبررات الواقعية فحسب، ثم التعامل معها.

 

شارك المقالة:
425 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook