إن المقصود بالاحتلام أن يتخيل المرء في نومه أنه يُجامع، فينزل منه المني ولو كان ذلك قليلاً، وهذا الأمر من الأمور الطبيعية التي تحدث عند المرأة، فهي تحتلم كما يحتلم الرجل، قال الشيخ البسام معنى (احتلمت): "عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، والمراد هنا: إذا رأت المرأة في نومها مثل ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله"، وفي هذه الحال لا يجوز للمرأة الصلاة أو مس المصحف وتلاوة القرآن وغير ذلك مما لا يجوز مزاولته إلا بالطهارة إلا بعد أن تغتسل، لكن إن استيقظت المرأة ولم ترى بللاً، أي لم ترى المني؛ فإنها لا تغتسل، إذ إن الاغتسال في حق من رأت المني بعد الاحتلام.
إن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، والدليل على ذلك الرواية التي وردت عن أم سلمة هند بنت أميّة -رضي الله عنها- في صحيح البخاري ومسلم، حيث قالت: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا)،وتجدر الإشارة إلى لطيفة وردت بالحديث، وهي في قول أم سليم رضي الله عنها: "إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ"، حيث قصدت بذلك أن الله -عز وجل- لا يأمر بالحياء في مثل تلك الأمور للتعلّم والتفقّه في أمور الدين وأحكامه، لذلك قالت عائشة رضي الله عنها: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ) فينبغي على الإنسان أن لا يستحي بالسؤال عن أمور دينه، فيسأل بأسلوب مؤدّب ويتعلم، إذ إن الحياء لا يأتي إلا بخير، بينما الخجل مذموم ويأتي بالشر، بحيث يمنع الإنسان من التفقّه في أمور الدين
إن الأمور المتعلّقة بالاحتلام لا تخلو من أربعِ حالات، وفيما يأتي ذكرها وبيان ما يترتّب على كل حالة