إن أحد الوعود التي نأمل بأن تحققها لنا التكنولوجيا هو تمكيننا من تجاوز قدراتنا الطبيعية. و أحد المجالات التي يبدو فيها هذا الوعد أكثر وضوحاً هي واجهات الدماغ-الآلة Brain-machine interfaces (اختصاراً: الواجهات BMIs)، وهيأجهزة مزروعة في دماغك، تلتقط الإشارات العصبية وتفك ترميزها للتحكم في أجهزة الحاسوب أو الآلات بالتفكير. ربما كان ما عُرض في أكتوبر 2019 أفضل مثال على قدرات واجهات الدماغ-الآلة عندما استخدم الفرنسي المصاب بالشلل تيبو Thibault إحدى الواجهات BMIs للسيطرة على هيكل خارجي Exoskeleton مكَّنه من المشي. ومع ذلك، فإن ما يعيق الواجهات BMIs حالياً هو عدد الأقطاب الكهربائية التي يمكن غرسها بأمان لالتقاط نشاط الدماغ وأن الأقطابالكهربائية، نظراً لكونها معدنية، قد تتلف أنسجة الدماغ وستتآكل في نهاية المطاف وتتوقف عن العمل.
لكن في يوليو الماضي أعلن رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك Elon Musk أن شركته نيورالينكNeuralink، تمكنت من إيجاد حل. ولا تزعم واجهة نيورالينك Neuralink BMI أنها قادرة ليس على استخدام مزيد من الأقطاب الكهربائية فحسب، بل إن هذه الأقطاب محمَّلة على ‘خيوط’ بوليمر مرنة يُفترض أنها أقل تسبباً للتلف أو عرضة للتآكل. لكن من الصعب معرفة مدى واقعية هذه الادعاءات، إذ تتكتم الشركة بشدة على التكنولوجيا. إضافة إلى ذلك، فإنها لم تُجرب بعد على البشر.
حتى من دون الواجهات BMIs، تستخدم الهياكل الخارجية بالفعل لزيادة القدرات البشرية، خصوصاً لدى من حدَّ المرض أو الإصابة من قدرتهم. وفي مركز هوبز لإعادة التأهيل Hobbs Rehabilitation في وينشستر يستخدم اختصاصي العلاج الطبيعي لويس مارتينيلي Louis Martinelli هيكلاً خارجياً يُربط على ظهر المريض والوركينوالساقين والقدمين لمساعدته على الوقوف والمشي بخطوات.
ويقول: “إذا كان المريض يعاني إصابة حادة في الحبل الشوكي، فهذه هي الطريقة الوحيدة لجعله ينهض ويخطو خطوات عبر الغرفة…. لقد ثبت أنه مفيد حقاً، خصوصاً في إدارة ضغط الدم، والحد من مخاطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية، والحد من مشكلات المثانة والأمعاء”.
مع الهيكل الخارجي، هناك حاجة إلى اختصاصي واحد للعلاج الطبيعي أو اثنين لمساعدة المريض بدلاً من فريق من أربعة أو أكثر. لكنه يسمح أيضاً للمريض بتحقيق المزيد – مع تمكينه من أن يخطو عدة مئات من الخطوات أثناء الجلسة بدلاً من 10-20 خطوة باستخدام العلاج التقليدي. وهناك تطبيقات محتملة أخرى، إذ تُجرّب الهياكل الخارجيةللجزء العلوي من الجسم في أحد مصانع فورد في الولايات المتحدة لمساعدة الأشخاص على حمل قطع غيار السيارات الثقيلة.
لكن، على الرغم من فائدة الهياكل الخارجية للجزء السفلي من الجسم، فمن غير المحتمل أن تحل محل الكراسي المتحركة في أي وقت قريب. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه يصعب استخدامها فوق أسطح غير مستوية ولا يمكنها مجاراة سرعة المشي، كما أنها أغلى بكثير. وتبدأ أسعار الكراسي المتحركة في حدود 150 جنيه إسترليني، في حين أن الهيكل الخارجي يمكن أن يكلفك بين 90000 – 125000 جنيه إسترليني. وهذا هو السبب في أن مارتينيلي يرغب في تبسيطالتكنولوجيا قليلاً في السنوات القادمة. وعن ذلك يقول: “ما أود رؤيته هو زيادة توفر هذه المعدات لأنها باهظة الثمن. يصعب فعلاً على الأفراد الحصول على هيكل خارجي، فربما يتيح إعداد نسخة أبسط بنصف السعر لتمكين مزيد من المراكز أو مزيد من الأماكن من الحصول عليها”.