واسع الرحمة

الكاتب: المدير -
واسع الرحمة
"واسع الرحمة




عندما تضيقُ بِك الدُّنيا يا صديقي وتُحكِمُ حلقاتها، عندما تُوصَدُ في وَجهِكَ الأبوابُ، وتتقطَّعُ بِكَ السبلُ والأسبابُ، عندها سارِع إلى طَرْقِ بابِ الله، ستجِدهُ مفتوحًا لك على مصرَاعيه، سيستَمِعُ إليك، وسيفهمُك حتى دون أدنى شرحٍ أو تبرير.

 

هو الوحيدُ الذي تستطيعُ أن تتحدثَ إليهِ، وتُفضي عما بداخِلك، الوحيدُ الذي تستطيعُ أن تودِعه سِرَّكَ بلا خوفٍ أو ترَدُّد، والوحيدُ الذي يعلمُ ما بداخِلك، وما يجولُ بخاطِرك.

 

ارفَع يديكَ وتضرَّع إليه، أخبره بكلِّ الخبايا، وتأكَّد أن الله لا يخذُل أبدًا مَنْ تركَ العالم كُلَّه، ولجأ إليه، تُراه يرُدُّ يديك صِفْرًا خائبتينِ؟! قطعًا ستُدهِشك تفاصيلُ كرَمِه!

 

كُن دائمًا يا صديقي في كنفِ الله، وعلى مقربةٍ منه، وتذكَّر دومًا كلام الحبيبِ صلى الله عليه وسلم عندما كان يشعُرُ بهمٍّ أو ضيقٍ، فإنهُ كانَ يقول: ((اللهم إني أعوذُ بك من الهَمِّ والحَزَن، وأعوذُ بكَ من العجزِ والكَسَل، وأعوذُ بِكَ من الجُبْنِ والبُخْلِ، وأعوذُ بِكَ من غَلَبة الدَّين وقَهرِ الرجال)).

 

تناسَ أسبابَ الحُزْنِ، وكُنْ راضِيًا، وتذكَّر أهدافَك التي يتحتَّم عليك تحقيقها، وأن الله لم يخلُقنا عبثًا، كُن على يقينٍ أن حياتَكَ ليست أشدَّ قسوةً من الأنبياءِ والرُّسِل.

 

قالَ عمرُ بن الخطابِ رَضي الله عنه: الخير كُله في الرِّضا، فإن استطعتَ فارْضَ، وإن لم تستطِع فاصبِر.

 

مِن الوارِد أن بعض الأشياء لا يأتِي بالطريقةِ أو الكيفيةِ التي تُريد، والبَعْض الآخر قد يأتي على غيرِ هواك؛ ولكن تيقَّن أن لربِّك في ذلك حِكمةً، هو وحدَهُ يعلَمُها، ولِتنظُر إلى رحمةِ ربك في مُجريات الأمورِ كلِّها، وأيضًا وفي كلِّ تفاصيلِ حياتِك.

 

فكم من مرةٍ نمْتَ على همٍّ أو ضيقٍ، وبمجرد أن فتحتَ مُقلَتيكَ لتستيقظ وجدت همَّكَ مُنفَرِجًا!

كم من مرةٍ عصيتَه فيها، ورحمَك ورزقَك، ولم يقطع سيلَ عطائه عنكَ!

كم من مرةٍ كُنتَ في كربٍ ونجَّاك!

كم من مرةٍ هيَّأ لكَ الأسبابَ وكانَ معكَ بجوارِك!

ورحمَته بك أيضًا وأنت طفلٌ صغير عندما كان يُنجِيكَ ويحرُسك بعينهِ عندما تغفلُ عنكَ العُيون،

وحدهُ واسِعُ الرحمَةِ، عَظيمُ الفضلِ.


"
شارك المقالة:
21 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook