وفاة السيدة فاطمة الزّهراء

الكاتب: مروى قويدر -
وفاة السيدة فاطمة الزّهراء

وفاة السيدة فاطمة الزّهراء.

 

فاطمة بنت محمّدٍ بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، الهاشميّة، القُرشيّة، سيّدة نساء أهل الجنّة، وأصغر بنات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وأمّها هي: أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وُلدت فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- قبل بعثة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بخمس سنواتٍ، وكانت تُكنّى بأمّ أبيها، وبالزّهراء، وقد تزوّجها عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في العام الثاني للهجرة، بعد غزوة بدر، وأنجبت منه: الحسن، والحُسين، ومُحسن، وأمّ كلثوم، وزينب -رضي الله عنهم-، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- قد ضربت أروع الأمثلة في حُسن الخُلق، والأدب، والتربية، فقد نشأت في بيت النبوّة، وبعد أن تزوّجت كانت نِعْم الأم، ومثالاً يُقتدى به في الدعوة إلى الإسلام، وتربية الأبناء، وأداء حقوق الزوج.


ومن الجدير بالذكر أنّ فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- توفّيت بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بستة أشهرٍ، وبالتحديد في عهد أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه-، كما رُوي عن عُروة بن الزبير -رضي الله عنه- أنّه قال: (تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ)، وقد اختلف أهل العلم في تحديد عُمر فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- عند وفاتها؛ حيث ذهب الإمام الذهبيّ -رحمه الله- إلى أنّ عمرها كان أربعاً أو خمساً وعشرين عاماً، وبيّن المدائنيّ أنّها توفّيت ليلة الثلاثاء، في الثالث من شهر رمضان، من العام الحادي عشر للهجرة، وكان عمرها حينئذٍ تسعاً وعشرين سنةً، ووافقه الرأي الواقديّ، وابن الأثير، وذهب سعيد بن غُفير -رحمه الله- إلى أنّها تُوفيت وهي بنت سبعٍ وعشرين سنة.

 

كيفيّة وفاة السيدة فاطمة الزّهراء

 

توفّيت فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بوقتٍ يسيرٍ؛ حيث ذهب محمد بن علي إلى أنّ وفاتها كانت بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بثلاثة أشهرٍ، وبيّن ابن بريدة أنّها عاشت بعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سبعين يوماً، وقال عمرو بن دينار: "توفّيت فاطمة بعد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بثمانية أشهر"، وقد دلّ على أنّها أوّل أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحوقاً به؛ ما رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-؛ أنّ فاطمة حدّثتها أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسَرَّ إلَيها، فقال: (إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ).


وتجدر الإشارة إلى أنّ فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها- كانت أوّل من صُنع له النعش عند وفاتها، كما ذكر ابن عبد البرّ -رحمه الله-، والنّعش هو: ما يُحمل عليه الميت، ويتكون من سريرٍ يُغطى بقماشٍ، يُوضع على القصب، أو جريد النّخل، أو الخشب، ليشكّل قبةً فوق سرير المرأة ليسترها، وقد صُنع النعش لفاطمة -رضي الله عنها-؛ استجابةً لوصيّتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ عليّ بن أبي طالب، وأسماء بنت عُميس -رضي الله عنهما-؛ هما من تولّيا تغسيل فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها-، ولم يُسمح لأحدٍ سواهما من الدخول عليها عند التغسيل.

 

دَفْن السيدة فاطمة الزّهراء

 

أُصيب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بحُزْنٍ شديدٍ بفَقْده زوجته فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها-، إلّا أنّه تولّى أمر دفنها، وكان دفنها بالليل، وقد بيّن الحافظ -رحمه الله- أنّ سبب دفنها ليلاً يرجع إلى وصيّتها، وذلك لأنّها كانت تتحرّى الزيادة في الستر، وقد اختلفت الروايات في بيان مَن صلّى عليها؛ حيث قيل إنّ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- مَن صلّى عليها، وقيل أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه-، وقيل العباس بن عبد المطّلب -رضي الله عنه-، وقيل إنّه نزل في قبرها مع عليّ بن أبي طالب، والفضل بن العباس -رضي الله عنهم جميعاً-، وأمّا قَبْر فاطمة الزّهراء -رضي الله عنها-؛ فقد وردت العديد من الروايات التي تحدّد مكانه بالتفصيل؛ فقد دُفنت -رحمها الله- في البقيع، بالقُرب من الزقاق التي تلي زاوية دار عقيل، وقيل إنّ القبر بالقُرب من زاوية دار عقيل ممّا يلي دار أبي نبيه.


ولا بُدّ من الوقوف على شدّة حُزن ومُصاب المسلمين بفَقْد بنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث خيّم الحُزن أرجاء المدينة، وفاضت المدامع حتى ابتلت لِحى الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ألماً وحُزناً على فُراق آخر أبناء نبيّهم -عليه الصلاة والسلام-، وقد وصف عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- المشهد قائلاً: "قُبضت فاطمة من يومها فارتّجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودُهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-"، وكان أشدّ النّاس حُزناً لوفاة الزّهراء؛ زوجها عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فقد وقف إلى قَبْر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد دَفْن فاطمة، وناجاه قائلاً: "السلام عليك يا رسول الله؛ عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك".

شارك المقالة:
120 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook