ويوم حنين

الكاتب: المدير -
ويوم حنين
"ويوم حنين
? وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ? [التوبة: 25]

 

كم من واحد منا أعجبته كثرة مالِه فوقع في بلاءٍ، وماله في كيسه لم يغنِ عنه شيئًا، وكان يظن يومًا أن بماله سيحصل على ما يريد، فكان المال معه في إحدى يديه، والعجز في الأخرى، لم يشترِ بماله الصحةَ حين فقدها، ولا السعادة حين ضاقت عليه نفسه، ولا الأنس حين استوحش في غربة، أو حين انغلقت عليه نفسه من معصية، فالمال وكثرته لم تغنِ عن قارون شيئًا حين خُسف به وبماله وداره، والناس ينظرون، وصيحات المعتبرين حوله تنطلق؛ ? وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ? [القصص: 82]!

 

وكم من واحد منا أعجبته كثرة الصحاب والأتباع فجاءته أزمته فانفض عنه الجمع، ولم يظفر منهم بكتف يستند إليها، أو عضد يشد بها أزره، أو من يعتكز عليه من عرج، الكل فرَّ وربما نظر إليه شامتًا وأعرض ومر!

 

وثالث أعجبته شدة جماله، وتاه به، وصال، وعند الأزمة لم يجده شيئًا، لم يغْنِه حين افتقر، ولا حين مرض، ولا حين كبر، لم يغنه لا في حياته أو بعد مماته، ولا أغنى عنه حين أخطأ وأُخِذ!

 

وكم من واحد أعجبه علمه وحسن كلامه، ودقة سبكه ونظامه، لكنه زل يومًا ووقع، وكما الجهال ضلَّ، ولم يغْن عنه علمه الذي تاه به واستكثره!

 

فيا أيها المعجب بكثرتك إن لم ترد فضلها لربك عطاء، ولقدرته انتفاعًا وإفادة، فإنما كثرتك لا شيء، إن شاء الله عطلها، وإن شاء أعملها، فليست النصرة بالكثرة، إنما الانتصار بالانكسار لله.


"
شارك المقالة:
27 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook