يا باغي الخير أقبل

الكاتب: المدير -
يا باغي الخير أقبل
"يا باغي الخير أقبل

 

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، الحمد لله على نعمه وجزيل فضله وكرمه، والحمد لله حمد الشاكرين لمننه، وأستغفرُه استغفار العائدين لآلائه وكرمه، أَوْجَدنا من عدم، وجعل التراب والطين منشأ خلقتنا، وسوَّى أبانا آدمَ فنفخ فيه من روحه، فكان بشرًا سويًّا، فتبارك الله أحسن الخالقين، وبعد:

فيا مَن تقطَّعت بهم السبل، وأغلقت دونَهم أبواب البشر، فيمَّموا الوجهَ إلى أبواب السماء التي لا تغلق؛ قال تعالى: ? أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ? [النمل: 62]، وقال عز وجل: ? وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ? [غافر: 60].

 

فمهما تكن معصيتك، ذنبك، زلَّتك، ما لم تكن شركًا؛ فباب التوبة مفتوح إلى طلوع الشمس من مغربها وقبل أن تُغَرغر، فعندك فسحة أمل، فبادِرْ قبل حلول الأجل؛ قال تعالى: ? إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ? [النساء: 48].




فيا باغي الخير، أقبِلْ، ويا باغي الشر، أقصِرْ، فلا تغرَّنَّك الدنيا بزخرفها، فلو دامت لأحدٍ لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًّا وباقيًا، لكن دار لها بابانِ، ولو عمرت ما عمر نوح، فكونك ابتُلِيت بهذه الحياة، فأنت في امتحانٍ، وبعد ذلك يُكرَم المرء أو يهان، فالعاقل مَن دان نفسه وعمِل لِمَا بعد الموت، والعاجز مَن أتبَع نفسَه هواها وتمنَّى على الله الأماني؛ كما روي في الحديث.

 

والمؤمن يتزوَّد من الطاعات، وغيره تشعَّبت به الحياة، والغالب لا يخلو من إفراط وتفريط، والمصيب مَن توسط حاله بينهما، ورُبَّ معصية ورَّثت ذلًّا وانكسارًا، خير من طاعة ورَّثت عزًّا واستكبارًا، مع أننا - معشرَ المسلمين - نرجو للمحسن الحسنى وزيادة، ونخشى على العاصي الذل والمهانة، ولا ييئس أحد من رحمة الله الكبير المتعال، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما؛ ففي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمَلُ بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيَسبِق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمَلُ بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيَسبِق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)).

 

نسأل الله تعالى بجوده وكرمه، لا بعملنا إذا صح ذلك، ولكن برحمة الله التي وَسِعت كل شيء؛ كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنا العِبَر في خبر مَن غبر، وشواهد ذلك في القبور والحفر والجنائز، لم تترك صغيرًا ولا كبيرًا، ولا غنيًّا ولا فقيرًا، ولا صحيحًا ولا عليلًا، كلهم لا يتعدى الأجل.

فكلُّ ابن أنثى وإن طالت سلامته ??? يومًا على آلةٍ حدباءَ محمولُ

? ? ?

 

واعمَلْ لدارِ غدٍ رضوانُ خازِنُها
والجارُ أحمدُ والرَّحمنُ ناشِيها
قصورُها ذهبٌ والمسكُ طينتُها
والزعفرانُ حشيشٌ نابتٌ فيها

? ? ?

 

ومِن قريب ودَّعنا رمضان لعام 1438هـ، فقد كان صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعُون الله قبل رمضان بستة أشهر أن يُبلِّغهم رمضان، ثم يدعُونه بعده بستة أشهر أن يتقبَّل منهم رمضان؛ فذلك تمام العام، فكم ودَّعنا بعد رمضان شبابًا وكهولًا وشيوخًا، ودَّعنا مَن كان صحيحًا ترجى حياتُه - بموت الفجأة - نحسبهم على الإيمان، ولا نزكِّي على الله أحدًا، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

 

أسأل الله تعالى حسن الختام لنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، واسكب اللهم شآبيبَ الرحمات على الموتى من أمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خيرِ مَن وطِئ الثرى وسيد ولد آدم، شفيع المسلمين.


"
شارك المقالة:
327 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook