يوم عظيم

الكاتب: المدير -
يوم عظيم
"يوم عظيم

 

أخي إنك لن تندم على التوبة أبدًا.. بل سوف تسعد بإذن الله في الدنيا والآخرة سعادة لا شقاء بعدها، لا سيما في ذلك اليوم العظيم.

? يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ? [المطفّفِين: 6]. يوم تبدو الحقائق، وتظهر الخفايا، وتنشر الصحف، وتكشف الأسرار. ? ...إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ? [العَاديَات: 9].

يوم شديد طويل قد شاع فيه الصياح والعويل، يوم لا يغني فيه أحد عن أحد ولا يجزي فيه والد عن ولد.

 

? يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ? [النّبَأ: 40]. إنه يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة ? يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ? [الشُّعَرَاء: 88-89].

 

إنه يوم التغابن والتداين والحشر والجزاء ? يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ? [الانفِطار: 19].

يوم تبدّل فيه الأرض، وتفتح فيه أبواب السماء، يوم تشيب لهوله الولدان، وتظهر فيه عورات بني الإنسان.

يوم ينكشف فيه المستور، وتتبدل فيه الأمور.

 

قال الله تعالى: ? يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ? [الحَاقَّة: 18].

فالكل مكشوف..

مكشوف الجسد والنفس والضمير.. مكشوف العمل والنية والمصير.

وتسقط جميع الأستار التي كانت تحجب الأسرار.

وتتعرى النفوس تعري الأجساد.. وتبرز الغيوب بروز الشهود.

ويتجرد الإنسان من حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره.

 

إن أمامنا أحداث عصيبة، وأيام شداد، أيام مليئة بالندم والحسرة والأسى والأسف على أيام الدنيا الخالية وما عملنا فيها، وعلى تقصيرنا وتفريطنا فيها. قال سبحانه وتقدس:

? يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ? [آل عِمرَان: 30].

ما أقسى الفضيحة على الملأ.. وما أخزاها على عيون الجموع.

أما عين الله فكل خافية مكشوفة لها في كل آن، ولكن لعل الإنسان لا يشعر بهذا حق الشعور وهو مخدوع بستور الأرض.

فها هو ذا يشعر به كاملاً وهو مجرد في يوم القيامة. وكل شيء بارز في الكون كله. الأرض مدكوكة مسواة لا تحجب شيئًا وراء نتوء ولا بروز.

 

? كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ? [الفَجر: 21-23].

والسماء يومئذ متشققة واهية لا تحجب وراءها شيئًا، والأجسام معراة لا يسترها شيء، والنفوس كذلك مكشوفة ليس دونها ستر، وليس فيها سر.

ألا إنه لأمر عصيب، أعصب من دك الأرض والجبال، وأشد من تشقق السماء، وقوف الإنسان عريان الجسد، عريان النفس، عريان المشاعر، عريان التاريخ، عريان العمل ما ظهر منه وما استتر، عريان حقًا.

 

أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله من الإنس والجن والملائكة، وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع، عريان من كل ساتر.

كيف به وهو كذلك تحت عرش الجبار؟ وأمام الحشد الزاخر بلا ستار؟

ألا إنه لأمر.. أمرُّ من كل أمر.


"
شارك المقالة:
672 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook